همجية القرون الوسطى في القرن الـ 21 طباعة
مقالات - صفحة/ د.محمدع السقاف
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 25 أغسطس 2007 02:07
صوت الجنوب /د.محمد علي السقاف/2007-08-25
لا غرابة في (البلطجة الأمنية) حسب تعبير الزميل نجيب يابلي في مقاله الأخير الرائع حول اعتداء عدد من أفراد شرطة المعلا بأعقاب بنادقهم الآلية والهراوات على المحامي العزيز محمد محمود ناصر وأبنائه، والصور المؤثرة التي نشرتها «الأيام» لنتائج هذا الاعتداء الوحشي
عليهم. أقول لا غرابة في ذلك لأن قوى الأمن والجيش نفسها في عدن تعاملت بوحشية بالغة لقمع الاعتصام السلمي في ساحة الحرية في مطلع هذا الشهر من أغسطس وإصابة الرصاص المطاطي عين المواطن حسين يحيى، فالعقلية الأمنية والعسكرية واحدة وسياسة التعامل مع أبناء هذه المحافظات في محاولة الإذلال والقمع لم ولن تتغير إلا بتغيير الأوضاع السياسية والقانونية للمحافظات الجنوبية. المقاربة بين أحداث 8/2، وما حدث للأخ المحامي محمد محمود ناصر وأولاده هي من باب (ثقافة العنف) المتأصلة عند بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تُغذى فيهم في مراحل تأهيلهم وتدريبهم في المعسكرات أو المعاهد في كيفية التعامل مع المواطنين وهم في الأساس دافعو رواتبهم ومعاشاتهم وقيمة أسلحتهم من الضرائب والثروة النفطية لمناطقهم، فهل يعقل أن هذه البلطجة الأمنية والاعتداءات الوحشية هي نتيجة بلاغ كيدي باستخدام الألعاب النارية (الطماش) في حفل زواج نجل المحامي؟ وحتى إذا افترضنا جدلاً أن البلاغ لم يكن كيدياً هل يكون ذلك سبباً كافياً لتلك الهمجية؟ فأنا الذي أسكن هنا في صنعاء العاصمة في منطقة حدة أكاد أسمع ليلياً لعلعة الآلي لعدة دقائق وبشكل متقطع، ماذا عملت الأجهزة الأمنية لوقف تكرار مثل هذه الحالات المستمرة منذ سنوات؟ هل لأن عدن تحظى بعناية فائقة (كعاصمة اقتصادية) أكثر من صنعاء (العاصمة السياسية) مما يجعلهم يرفضون تخويف مستثمري (المناطق الحرة) بسماعهم الطماش لأنه قد يؤدي ويفسر تعثر قدوم المستثمرين إليها؟ أم أن الأمر في عدن مجتمع مدني متحضر ومسالم في حين لعلعة الآلي في ليالي صنعاء وراءها أفراد من قبائل متنازعة على ملكية بقع من الأراضي تتخوف الدولة بأجهزتها الأمنية من التدخل لفرض الأمن والسكينة في قلوب الساكنين في هذه المناطق؟

و لو أن الأخ محمد محمود ناصر لم يكن محامياً وكان واحداً من كبار الشيوخ هل سيتجرأ رجال الأمن على معاملته مثلما حدث للمحامي وأبنائه؟ وعلى ذكر هذه المفارقة في التمييز واختلاف المعاملة في تطبيق التشريعات التي يفترض أنها تطبق على الجميع دون تمييز ودون اعتبار لمكانة الشخص في المجتمع والدولة، نشير كيف أن أحد أبناء كبار الشيوخ أنشأ مؤخراً كياناً قبلياً، ولم نسمع بمكتب وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية يعلن عدم شرعيته بعدم حصوله على ترخيص منها في حين فرع الوزارة نفسها في عدن أول ما يعلن عن إنشاء كيان مدني، كلجان المتقاعدين العسكريين، تنبري ببيانات رنانة بأنها غير شرعية، ومن حصل منها على ترخيص مثل جمعية ردفان بمجرد سماعه عقد اجتماع في مقره للصلح والمصالحة اعتبرت ذلك نشاطاً سياسياً محظوراً، في حين الكيان القبلي المعلن مؤخراً يمارس السياسة بامتياز من خلال عرض برنامجه وتصريحات القائمين عليه دون أن يكون هناك أي رد فعل من فرع وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية.

ماذا يعني كل هذا إن لم يعن غياب المواطنة المتساوية، والازدواجية في تطبيق القوانين.. قوانين الدولة اليمنية؟. من هنا أعتقد أنه على وزير الداخلية وهو رجل القانون في الموقع الخطأ محاسبة مدير أمن عدن لمسئوليته عن أفراد الأمن في المحافظة، وربما سيكون قراراً حصيفاً لو تم تعيينه مثل ما كان عليه سلفه في محافظة صعدة، أو جعله مسؤولاً عن منطقة حدة ليضع حداً للعلعة الآلي فيها ليلاً. ولعل هذه الحادثة تظهر أكثر من أي وقت مضى ضرورة أن يكون مسئولو المحافظة والأمن من أبناء المحافظة يعرفون تاريخها وتقاليدها وليسوا غرباء عنها. وفي الأخير أرجو من الزميل المحامي وهو رجل القانون المخضرم أن لا يتوانى في الطلب من القضاء محاسبة المسئولين عن الاعتداءات الوحشية ضده وضد أبنائه وإبلاغ المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان فهو بمعرفته بالقوانين وخبرته في المحاماة يستطيع أن يجعل هؤلاء المعتدين يترددون مستقبلاً في ممارسة الشيء نفسه ضد المواطنين البسطاء الذين غالباً يجهلون حقوقهم الدستورية والتزامات دولتهم إزاء الاتفاقيات الدولية لحماية الإنسان وحقوقه.

عن صحيفة الايام العدنية2007-08-25
آخر تحديث السبت, 25 أغسطس 2007 02:07