القضية الجنوبية: اعتراف ضمني دولي طباعة
مقالات - صفحة/ علي المصفري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 18 مارس 2008 19:45
صوت الجنوب/2008-03-18
القضية الجنوبية: اعتراف ضمني دولي
 

  • المهندس: علي نعمان المصفري

تسارع تطورات أحداث ألانتفاضه الشعبية في الجنوب العربي, أكسب القضية الجنوبية أبعاد نوعيه متميزة, تجلت معالمها في وحده أبناء الجنوب, بتجاوز كل مخلفات الماضي ومرارته, والدرجة الرفيعة في دقه تنظيم الأعتصامات, وانهيار جدار الخوف, ووحده قياده ألانتفاضه وتماسكها, من خلال

تأسيس الهيئة الوطنية العليا لقياده ألانتقاضه, الوعاء السياسي النوعي والوطني الجامع الموحد, بل والاهم من ذلك تسلح أبناء الجنوب بعقيدة الهوية والارتباط بالأرض, والتمسك بالتاريخ الذي بمجمله يشكل... العقليه المعتمدة على قدره هذا الشعب على مجاراة متطلبات التطور العصري في اتخاذ النضال السلمي طرائق إنسانيه وحضاريه, غدت تميزالأنسان الجنوبي... ليحتل مكانه متطور ومتقدمه جدا, ندرت شعوب كثيرة في المعمورة على استيعابها..وتر سخت كتقاليد ثوريه...ترسم معالم الحقائق المؤكدة على أصالة شعب الجنوب...المكنونة في هويته العربيه الاسلاميه...ودليل الوصول إلى الهدف الأساسي,  المتمثل, في إخراج شعب بأكمله من محنه... ومأساة..رسموها له أعداءه..كقبر ابدي..كي لايرى النور..وينقرض تماما عن الوجود,  كبقية الأسماك المنقرضة من مياه بحر العرب, ليحلو لقوى الظلام.. ومصاصي دماء الشعوب, من الفيد والعبث, بالأرض والثروة, وطمس هوية الشعب العربي الجنوبي..واستبدالها بهويتهم, القائمة على الظلم والقهر والاستعباد والضم و الإلحاق..
 
هنا, أرغم هذا الشعب الأبي..تلك الأحزاب الراكلة خلف عمليه تجيير النتائج, نعم أرغمها, على إن لا لأحد امتلاك حق التمثيل, إلا من أرتفع إلى سقف المطلب الوطني, في الاستقلال, وتأسيس الدولة المؤسساتية الحديثة, لقد جردهم شعب الجنوب حتى من ألامساك بتلابيب الكذب.. , بعدما شاركوا في قتل أبناءه تحت شماتة فتاويهم المتوالية لتبرير جرائم شنعاء ارتكبت بحق شعب مسالم, مؤمن, بل وأداروا ظهورهم, طيلة 14 عاما, لكل ما يتصل بالجنوب, أرضا وشعبا وتاريخ وهوية, بعد الحرب الظالمة التي شنت على الجنوب في صيف 1994, وخلصت إلى نتائج كارثيه, لازال الجنوب يتحمل وزر أعبائها حتى الساعة.
وما الهزيمة النكراء للمشترك في الضالع, إلا خير دليل على ذلك, مما جعل المشترك يسقط في قاع وهم, تم استيعابه وإدراكه, من قبل شعب الجنوب في وقت سبات وصمت تلك الأحزاب على ماجرى ويجري, دونما تحرك ساكنا, لهذا كان الضمير الجنوبي الحي يعيد بناء ثقته بذاته, في عمق وجدان وحيوية أبناءه, كواجب أخلاقي ودين مستحق سلفته أياديهم, منذو أن رضع أبناءه الشهامة والوفاء والعزة والكبرياء من ثدي الأمهات الذين لازالوا ينجبون الرجال الأشاوس صانعي التاريخ والمجد والعزة, وكاستجابة طبيعية لذلك, نهض الجنوب ليستعيد مكانته وبناء مافاته خلال أربعه عقود خلت, الممزوجة بالدم والدمع والعرق, منذو 30 نوفمبر 1967.
 

هذا المشهد الجنوبي, اخرج الوجه الآخر لسلطه 7 يوليو 1994, وعطل كل آلياتهم, وبين كل ماتكنه هذه الأحزاب لشعب الجنوب.. وأفرزهم تماما..لتصبح أحزاب يمنيه ليس إلا, ومن حقها ذلك, وهذا خيارها,
 لكنها خاليه من أي لون او نكهة, أو طعم بل وسمه جنوبيه, لاعتمادها على دساتير, لا تمت بصله أساسا للجنوب وقضيته..وأما المتربصون بمشاريع أنصاف الحلول, عليهم استيعاب.. أن قرار شعب الجنوب.. قد تجاوزهم.. وبقوا أقزام متربعة تحت بطون المصالح الأنانية الضيقة, وكشفوا عن حقيقة واحده ليس إلا, عن أنهم تخلفوا كثيرا عن الشعب, سجنوا أنفسهم دونما لا يوجد مبررا لذلك.
 

زيارة سفيري الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى إلى أراضي الجنوب, وخصوصا
العاصمة عدن, قلب الجنوب النابض بالحياة والخير, وكذا صحيفة الأيام الجنوبية, الصرح الوطني الوحيد الذي ظل على الدوام واجهه الجنوب في زمن الغياب والنسيان,  ونجمه وفاء للأرض والهوية والتاريخ وناقل حي لكل أحداث الجنوب منذو 7 يوليو 1994,  ولقاءهم بمؤسسات المجتمع المدني وقياده الانتفاضة الجنوبية.
 هذه الزيارة أعطت مدلولات عظيمة على تفهم وتعاطف اللاعبين الأساسيين في السياسة الدولية لقضية هذا الشعب, ومثلت مؤازره معنوية من نوع خاص وذات معيار ثقيل, لم يحدث ذلك إلا عندما يرتفع شأن تلك القضية إلى مستوى الحسم النهائي. مما يعني رفع القضية الجنوبية إلى مستوى عالي, ومنه تحددت محطة رئسه, في أن لإخلاص من واقع حال هذا الشعب, إلا بالاستقلال الناجز دون شروط, وفك الارتباط.. وترك شعب الجنوب, يقرر مصيره دون استئذان احد إلا أبنائه.. لاختيار شكل الدولة ودستورها, وطبيعة المجتمع المدني المتطور القادم, الذي في أحضانه يعود الجنوب ويأخذ دوره في التاريخ الإنساني, وينفض غبار محنته وللأبد.
لقد أصبح الاستقلال حقيقة واقعه مسكونة في نفسيه كل مواطن, ذاق التهميش, وكبل بقيود وسلاسل التخلف, الذي عاد به الطامعون إلى قرون موغلة في التاريخ المظلم,  لم يعد لها ذكر, ولم تعهدها حتى  أكثر الشعوب تلك, التي تعرضت في العصر الحديث, للاضطهاد العنصري والاستيطاني.
 لذلك من لا يفقه حقائق انتصار أراده الشعوب, ويدفن رأسه في رمال النهب والفيد والقرصنة وتحت صخور الجشع ونكران جميل الجنوب, عليهم إدراك واستيعاب ما أوضحه العالم والفيلسوف الألماني فريد ريك نيتشه عن المنذرون بالموت: (لقد وصف المنذرون بالموت بالرجال الصفر والسود, ولسوف أصفهم أنا فينكشفون عن ألوان أخرى أيضا.
أنهم لأشد الناس خطرا, إذ كمن الحيوان المفترس فيهم, فغدوا ولأخيار لهم إلا بين حالتين, حاله التحرق بالشهوة وحاله كبتها بالتعذيب بعينه, إن هولاء المسوخ لم يبلغوا مرتبه الانسانيه بعد, فليبشروا بكره الحياة, وليقلعوا عن مرا بعها)1.
لكن شعب الجنوب يؤكد لهم إن المستقبل سيكون أجمل, وان الليل سينجلي حتما, وستشرق شمس حقيقة الجنوب غدا بأذن الله, بضياء الهوية على كل حبه رمل.. في جغرافيا الجنوب, وفي كل صفحه من صفحات سجل تاريخه المشرق.
 

وتبقى خيمة الشهيد منصوبة في كل حارة وعلى كل ربوه, ملونه ومخضبه بدماء الشهداء والجرحى, ممزوجة بدموع الأطفال والثكالى, وعرق الرجال المغاوير المشهود لهم بالإقدام والشجاعة والتضحية, لتتحول صراخ الأهل فيها, إلى زغاريد نصر وسيموفينيه وفاء ومودة, ممدودة عبر الحبل السري إلى عمق أحشاء ألام الكبرى, الجنوب, نشيد يصدح في كل حنجرة جنوبيه, يردد كل صبح ومساء, وعندها تتحول خيم شهداء الجنوب إلى معامل ومصانع ومزارع ومساكن ومستشفيات ومدارس ومعاهد وجامعات ومساجد للخير والعطاء, تتفجر فيها الطاقات, ويستفاد الكل منها دون استثناء,  ويبقى التاريخ.. مفتوحا للجنوب, الشعب, الأرض, الجغرافيا, الهوية, سرمدي البقاء, حتى قيام الساعة, ولنا مع الفجر موعد.
 

والله على كل شئ قدير.
 

*باحث ومحلل سياسي أكاديمي
لندن, مارس 2008
 

المراجع: 1- زراد شت
 تأليف: الفيلسوف الألماني
فريدريك نيتشه
ترجمه فليكس فارس
دار القلم-بيروت-لبنان- صفحه 69
 

 

 

آخر تحديث الثلاثاء, 18 مارس 2008 19:45