الدلالات والابعاد السياسية للانسحاب من زنجبار وجعار-بقلم:جعفر محمد سعد طباعة
مقالات - صفحة/ جعفرمحمدسعد
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الاثنين, 18 يونيو 2012 10:41

  ان الصراع الجاري حاليا قي اليمن بين القوى المختلفة اصبح يتخذ منحى تكتيكي يعتمد على المناورة لكسب الوقت وترحيل مواجهات , ذلك اصبح واضحا من خلال الاداء الميداني الاستباقي لقرار مجلس الامن الصادر الثلاثاء 12 يونيو 2012 م برقم ( 2051) المتضمن تهديد بعقوبات وفقا والمادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة, بحق من يعطل العملية السياسية في اليمن. كثير من المراقبين للاوضاع السياسية والعسكرية في اليمن ادركوا مغزى عملية المناورة التكتيكية في قيادة

 

اللواء الثالث مدرع وفي محافظة ابين , إن تلك الاجراءات التي من السهل تفكيك اسرارها ومعرفة اسبابها وتحديد دلالاتها وابعادها السياسية وخاصة ان التكتيك الذي اتبع في عملية تسليم قائد اللواء الثالث مدرع المعين بعد تمرد ورفض صريح لقرار تسليم قيادة اللواء بعد تصريحات مفادها ( تسليم اللواء الثالث يعني تسليم رقابنا ), الذي تزامن مع انسحاب المليشيات المسلحة من زنجبار وجعار, يعد اجراء استباقي لقرار مجلس الامن يكشف عن علاقة ما , بين القوى التي تقف خلف تلك الاجراءات ودول اخرى داخلة ضمن حسابات مستقبلية . ان تلك العملية التي يمكن ان يطلق عليها معركة استنزاف باهداف سياسية اقتصادية عسكرية , تحمل مؤشرات تطور في اشكال المناورة في الصراع وبوسائل قد تؤدي الى حسم النتيجة لصالح طرف , وهنا لسنا بصدد الطرف الذي سيكسب في الجولة القادمة لان ذلك ليس مهما ولا يعني الجنوبيين كون الكل متفقا على الجنوب حتى بعضا من ابناء جلدتهم . ان الانسحاب من زنجبار وجعار دون ذكر لخسائر حقيقية قد الحقت بتلك المليشيات او اسرها اواستسلام كامل ذلك في التحليل السياسي العسكري يعني ان المليشيات تعمل بخطة هدفها استهلاك اكبر قدر من الطاقات والامكانيات البشرية والمادية وتطوير اعمال العنف والارهاب وايجاد حالة ارباك وإشغال الاخرين والاستفادة من العوامل المؤدية الى اطالة الزمن باتباع تكتيك يسمح بالانتقال من مناطق الى اخرى خلال الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية الى ان يحين موعد الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والبرلمانية كما حددت في المبادرة الخليجية بخطتها المزمنة من قبل الامم المتحدة .

 

‏ان قوى من سلطة النظام السابق لازالت تطمح بعودة سريعة الى السلطة عبر عدد من الاشكال التي تعتقد سوف تضعها قاب قوسين او ادنى من استعادة السلطة وفقا لحسابات امنية عسكرية واقتصادية , بالاستفادة من الاوضاع الامنية والاعمال العسكرية والنشاطات السياسية التي تخدم خطتها الهادفة ارباك واستنزاف الطاقات وجعل الاخرين منشغلين بقضايا الارهاب والعنف والبحث وملاحقة عناصر التخريب والتدمير واشعال الحرائق في محطات توليد الكهرباء وتفجيرانابيب النفط والغاز , وغيرها من الاحداث التي تجعل مختلف المؤسسات والاجهزة والاحزاب والقوى السياسية الاخرى منهكة بسبب اتساع رقعة مناطق الجريمة والعنف لتضيف مشاكل امنية واقتصادية وسياسية الى اشكاليات ومصاعب الانشغال بمهام المرحلة الانتقالية, وفي تلك الاثناء تقوم القوى الطامعة في استعادة السلطة باعادة ترتيب العلاقات على المستويين (داخليا وخارجيا ). وفي نفس الوقت العمل بمثابرة اثناء انشغال الاخرين بمعارك الاستنزاف التي شهدتها محافظة ابين وبعدها قد تكون محافظة شبوة مسرح عمليات لمعارك استنزاف اخرى وقد تليها اعمال عسكرية وارهابية للمليشيات المسلحة في محافظات اخرى , مع تنفيذ انواع واعمال اخرى من الارباكات سوف تاتي متوازية مع العنف والارهاب بالاستفادة من تلك الاوضاع التي يمكن ان تستمر حتى عام 2014 م حينها قد يكون الوقت مناسبا بعد إعادة تنظيم الصفوف للدخول بقوة في العملية الانتخابية او اي خيار اخر حتى وان كان ينطوي على مخاطر نتائجها غير مرئية بالاعتماد على امتلاك الوسائل المادية في ظل ظروف اقتصادية انعكست سلبا على حياة الناس التي

يراهن على استغلالها .

 

. ذلك احتمال من عدد من الاحتمالات الاخرى الذي في حال تمكن تلك المليشيات تحقيق الهدف السياسي من تحركاتها واعمالها حينها ستكون الاوضاع مهيئة لكثير من الاحتمالات التي سوف تؤدي الى وضع سياسي في غاية من التعقيد تتداخل فيه مصالح عدد من القوى المختلفة داخليا وخارجيا منها تلك التي اوجدت المبادرة الخليجية داخليا مع مصالح الدول التي تبنت وقدمت المبادرة الخليجية وكانت لاعبا رئيسيا في النموذج اليمني ,وفي المقابل القوى الاخرى بمختلف مكوناتها, كطرف داخلي في المبادرة الخليجية التي تتقاطع مصالحها مع الاطراف الخارجية في النموذج اليمني , حينها سوف نعرف اهمية وخطورة الدورالكبير الذي تلعبه المليشيات االمسلحة في الوقت الحاضر وهو الدور الذي قد يستمر حتى عام 2014 . ان ترتيب الاوضاع في اليمن

مستقبلا سوف يكون على نحو مغاير لكل ما عرفنا من خلال المبادرة الخليجية وهو ما يسمح بالربط بين صانع فكرة تدخل الجواروصاحب فكرة المبادرة الخليجية ومعركة الاستنزاف الذي بمقدوره ربط هدف سياساته العليا بمصالح الخارج وفقا وخطة تتضمن مهام مستقبلية لتطورات محتملة في المنطقة لم تنضج الظروف بعد والتي تسمح بتحديد اسبقية محطات المليشيات , كما إنه من المبكر تفكيك تفاصيل فكرة وخطط واهداف عملها في الوقت الحاضر فيما يخص الاقليم. ان تلك القراءات للوضع المحلي ومستقبل الاقليم اساسها ادارة عملية العنف والارهاب والفوضى في اليمن ,كما تؤكدها طبيعة قتال وتحركات المليشيات المسلحة وايضا قدرتها على اختيار تكتيك تحركاتها وانواع اعمالها القتالية في ظل تامين منظم لتسليحها وامدادها بوسائل نارية ثقيلة

توضع في جداول حسابات التناسب القتالي مع المؤسسة العسكرية مع ثبات لوجستي منظم يؤمن حصولها على كل احتياجات الانتشاروالسيطرة والقتال والانتقال من مناطق الى اخرى, ان اكتسابها تلك المقومات يكشف عن امكانيات القوى الداعمة لها

والمستفيدة منها وهي تدير العملية العسكرية وفقا لهدف سياسي محدد. ان اتقان المناورة السياسية تعكسها تحركات عسكرية على الارض للمليشيات وسيناريو استلام القائد الجديد للواء الثالث مدرع حرس جمهوري تجعل قادم الزمن على كف عفريت ولن يكون هناك كاسب إذا آن الحسم في النهاية سوف يكون للاقوى عسكرياً وسوف تتضاءل فرص من يعتقد ان سياسة المال ستعوض خسارة السلاح , حيث أن مؤشرات المستقبل قد لا تجعل قرارات مجلس الامن مسموعة في اليمن لان روائح الدم والتدمير والهدم قد تطغي على صدى قرارات مجلس الامن , ولن تكون كما كان صدى القرارالصادر يوم 12 يونيو 2012 م رقم (20151 ) .

 

 

 

جعفر محمد سعد

 

باحث في الشؤون العسكرية

 

لندن يونيو 2012 م

آخر تحديث الاثنين, 18 يونيو 2012 11:10