قراءة وتلخيص كتاب استراتيجية العمل ورؤية لإحداث وأزمات معاصرة للمؤلف اندريه بوفر 1965م - الحلقة الخامسة والأخيرة طباعة
مقالات - صفحة/ جعفرمحمدسعد
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الجمعة, 15 يونيو 2012 06:31

اعداد جعفر محد سعد
                   
        أشكال العمل
العمل بالمواجهة المباشرة أو (غير المباشرة ) تحدده الفكرة والنوايا في الوصول الى الاهداف , كما ان العمل (المباشر ) او (غير المباشر) يحدد شكل العمل النفسي الذي نحقق من خلاله
التأثير المباشر على المعنويات أو عن طريق العمل الموجه ضد مجالات أخرى يمكن ان تكون عسكرية واقتصادية وسياسية الخ.


ان الاختيار بين نوعي الاستراتيجية ( المباشرة) أو (غير المباشرة) ذلك مرتبط بفكرة الاستراتيجية الشاملة . باعتبار
الاستراتيجية الشاملة (( فن حوار الارادات التي تستخدم القوة لحل
النزاعات  )) , ومصطلح (القوة ) هناء لا يعني القوة العسكرية المستخدمة في العمليات الحربية , بل لذلك المصطلح مفهوم شامل
ايضاً للقوة المخزونة خارج المسرح , أي في المخازن ولكن يحسب لها لحسم نزاعات بدون استخدامها , ذلك يفرض تصنيف أشكال الاستراتيجية حسب دور القوة فيها , بدء بالوسائل وأساليب
الخداع , وأنتها بأكثر الاساليب شدة وعنفاً .
 
     العمل بالإستراتيجية الشاملة المباشرة .
    فكرة الاستراتيجية الشاملة المباشرة .
          تفوق العمل العسري .
مهمة الاستراتيجية الشاملة المباشرة البحث عن الحسم , مع استخدام التهديد بالقوى العسكرية كوسيلة اساسية .
ان استخدام القوى العسكرية في جميع الحالات لا يمثل إلا الجزء
من العمل, وأن على العمل الشامل أن يعد ويساعد ويستثمر النتائج
الناجمة عن العمليات ألعسكرية نتيجة استخدام الوسائل الملائمة
والمتوفرة في المجالات النفسية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية . ان ذلك مضمون ادارة الاستراتيجية الشاملة .
      فكرة العمل
ان فكرة العمل تنطلق باستمرار من الهدف السياسي للعمل المتوقع
انجازه , على ان يتحدد في الهدف ضمنا صفة العمل , وطبيعة النتائج المرجؤة , أهداف او متوسطة او محدودة او صغيرة , بعد تحديد الهدف السياسي توضع حسابات الامكانيات  , التي تستخلص
من مختلف الحالات نسبتاً الى المستوى الذي يمكن ان يكون مطلقاً او نسبياً .
إن الصفات  العامة لمناورة الاستراتيجية الشاملة تفرض الاطار الذي يجب تحديده بوضوح تام  وذلك الاطار يحتوي على الزمن والسرعة وعوامل التأثير . حيث تبحث الاستراتيجية الشاملة داخل الاطار عن افضل الحلول , بعد ان تأخذ إمكانياتها والإمكانيات المواجهة والمؤثرة على العمل . وعندما يتضح ان العمل عاجزا عن تحقيق اهدافه , لا بد من استخدام تأثيرات الاطار وتوسيعها
على حساب بعض السلبيات السياسية , وإذا ظلت الصعوبات قائمة
يجب اعادة البحث بهدف معرفة طبيعة النتيجة , للتأكد من امكانية
اجازها او هي اكبر من القدرات , كما يمكن استخدام ذلك البحث لتحديد وسيلة للوصول اى الهدف بمناورة استراتيجية غير مباشرة.
        فكرة مناورة الاستراتيجية الشاملة :
تعتمد فكرة مناورة الاستراتيجية الشاملة على فكرة البحث عن الاعمال غير العسكرية القادرة على رفد ومساعدة العمل العسكري
إلى ابعد مدى. إن تحقيق ذلك مرتبط بل يشترط ان يكون بعد تحليل دقيق يشمل مختلف مراحل العمل , بغية معرفة العوائق والموانع المفروض اجتيازها وردود الفعل المحتملة .
ان التحليل لعمل نظرياً يمكن تقسيمه الى ثلاثة مراحل :
- الاعداد
- التنفيذ
- استثمار النجاح او النصر
إن كل مرحلة من تلك المراحل تقسم الى عدد من الافعال والنشاطات المتسلسلة او المتعاقبة .
مرحلة الاعداد قد يكون العمل سهلا , وقد يتصف حالات اخرى بطول المدة , وكثرة التكاليف , خاصة اذا لابد من خلق قطاعات جديدة , او صنع عتاد ومعدات جديدة وكثيرة ومعقدة ,  يجب ان يفهم على ان العمل يحتاج الى بذل جهود وإنفاق مالي واقتصادي لا يستهان يهما . ان الاكتفاء بذلك يعد عمل ناقص , إذ من الواجب إجراء اعداد سياسي لإعطاء
العمل المتوقع اكبر قسط من الشرعية امام الرأي العام الداخلي والخارجي . ذك يتطلب توفير منطلقات سياسية جيدة تتلاءم مع الهدف المنشود . إن العمل المبني على تحليل جيد
للدوافع السياسية يمكن من تحديد اهداف الاستراتيجية التي تضمنتها فكرة العمل . لكن ذلك يعتمد على التشخيص السياسي الذي ينبغي ان يجيب على الكيفية والدعم  والحصول عليهما خاصة اذا تأخر النجاح او الوصول الى الهدف كما ينبغي ان تبنى الفكرة على نتائج اجابات التشخيص السياسي ,وبالذات على الاجابة على السؤال الهام
(ما هي النتائج السياسية لآي فشل ؟ ) , او لتدخل واسع لتأثيرات خارجية ؟ وما هي ردود الفعل على تلك ألفرضيات  وما هو التعديل الذي ينبغي اذخاله على دوافعنا السياسية كي
نحصل على الدعم الاقصى .الخ
إن تلك الاسئلة تحدد خطط العمل الاحتياطية الضرورية على المستويين الاقتصادي والعسكري , كما تحدد اهم نقاط العلامات السياسية اللازمة على الصعيدين المحلي والدولي .
في حالة النجاح بعد جهود في ألعمل ينبغي توظيف الاستفادة في مرحلة استثمار النجاح او النصر , وفي هذه المرحلة يجب العودة الى الهدف السياسي المنشود حتى لا ننجر او نخضع تحت تأثيرات حلول الوسط , او فوق نشوة وسكرة
خمره النجاح او الانتصار .

                ادارة وحدود الاستراتيجية الشاملة المباشرة.
منذ اللحظات الاولى لبداية العمل يجب اعطاءه اكبر قدر من سرعة الانجاز وفقا للخطة بغية حقيق الهدف المرسوم وبأسرع وقت ممكن , وخلق امر واقع . عادة الفترات ألاحقة
تزداد صعوبة نتيجة الجهد وبالتالي قد يتأثر النشاط ويقل شيئاً
فشي لذلك يجب ان تكون البدايات بوتائر عالية , اذا اغفلنا تلك القاعدة وحصل تأخير في العمل وانعكس ذلك التأخير سلباً على تحقيق الغايات , حينها يمكن جر العمل الى حقل الاستراتيجية غير المباشرة . ان العمل قي الاستراتيجة المباشرة يظل حبيس حدود ضيقة جداً لا تسمح بانجاز هدف الاستراتيجية الشاملة بسبب التهديد الذي يتعرض له العمل الناجم عن عدم الاستقرار , علما بان تلك تعد تحديات حقيقة
تضاعف من صعوبات العمل بالإستراتيجية المباشرة .
يجب ان تكون الاستراتيجية المباشرة شاملة لا عسكرية فقط
مهما كبر الدور المناط بالقوات المسلحة , ينبغي معرفة كيف تامين التوافق بين بقية اشكال العمل الاخرى , لنصل الى الفاعلية وزيادة التأثير . وعلينا ان ندرك بأن الاستراتيجية الجيدة هي الاستراتيجية الشاملة .

            العمل بالإستراتيجية الشاملة غير المباشرة .
إن العمل بالإستراتيجية الشاملة غير المباشرة هو العمل الذي يحقق نتائجه بصورة اساسية بوسائل غير عسكرية .
     فكرة العمل بالإستراتيجية الشاملة غير المباشرة :
إن فكرة العمل بالإستراتيجية الشاملة غير المباشرة منطقية جداً,
وأصبحت تختلف في عدد من جوانبها عن استراتيجية القرن التاسع عشر التي سادت في تلك الحقبة الزمنية .
اللجوء الى الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة يعني بالضرورة وجود حدود مختلفة تمنع اللجوء الى أي شكل من اشكال الاستراتيجية المباشرة . وتقاس تلك الحدود بتحديد حرية العمل ,
وتحديد مستويات استخدام القوة , واختيار الوسائل المتوفرة , قد عرفت الاستراتيجية غير المباشرة ( الاستراتيجية غير المباشرة هي فن معرفة الاستفادة من الهامش الضيق لحرية العمل الذي افلت
من الردع السياسي او النووي , مع استخدام الحد الادنى من القوى والوسائط  العسكرية , بهدف تحقيق نتائج الاستراتيجية غير المباشرة .
علما بان ذلك يتحكم به قانون الاستراتيجية العام التالي :
  س = ك ق م ز
الرمز  ( س ) العمل ألاستراتيجيي
الرمز ( ك ) عامل خاص للحالة المحلية والوضع العالمي .
الرمز (ق ) القوة المادية.
الرمز ( م ) القوة المعنوية.
الرمز ( ز ) الزمن .
إذا كانت ( ق ) صغيرة , حينها من الضروري رفع مستويات وكميات  ( ز ) . لذلك الاستراتيجية غير المباشرة هي التي يتم فيها تأثير العمل النفسي على العدو بشكل مباشر مع استخدام الزمن اذا كان ذك ضرورياً .
                    العمل النفسي والإرادة :
باستمرار تكون الوسائل المادية محدودة وقليلة المخزون في معظم الاحيان , عل عكس المجال النفسي الذي يشكل معيناً لا ينضب  قادرا على تقديم مصادر معنوية هائلة . بواسطة تلك القوة يمكن تعويض النقص المادي , ذلك يمنح شعوب العالم أهمية حاسمة في الاستراتيجية غير المباشرة . ويجعل من هذه الاستراتيجية تلعب اهم ادوارها باستخدام المناورة الخارجية .
كما ينبغي ادراك ان استثمار التأثيرات النفسية عمل حساس وطويل ويخضع لقوانين ذات منطق خاص , كما ان الظواهر التي يثيرها العمل بداخله في الغالب يأخذ تطوراً عفوياً ومستقلاً يجعل ادارة المناورة النفسية عملية حرجه وفي نفس الوقت صعبة .
ان كل تلك القيم والوسائل يمكن ان تفقد قيمتها وحتى معناها اذا لم
يجري تطبيقها لصالح فكرة سياسية واضحة تتلاءم مع الهدف المنشود وأيضا الجو العام السائد , كما يجب ان تعتمد على تحليل جاد لمستوى الدوافع السياسية للعمل .
                    تأثيرات التحديات
إن التهديدات المختلفة الناجمة عن حجم الامكانيات المتوفرة , والجو العام , والردع تجعل من المتعذر فرض استسلام كامل على الخصم . ولكن من الممكن في كثير من الحالات اجباره على الحل  
 بماء يتلاءم مع الاهداف السياسية باعتبار ذلك الحل امراً مقبولا وحلا وسطاً ممكناً . نفرض ذلك الحل عندما نجعله يخشى ان تزداد
تكاليف حل الوسط في حالة اطالة أمد  الصراع .
لذلك الاستراتيجية غير المباشرة شكل قاس من اشكال المفاوضات.
في تلك الحالة الاهداف المرجوة محدودة مع تقبل الخصم والرأي العام العالمي الامر الواقع , اذا كان هدف النزاع السياسي كبيرا , ومن المتعذر بلوغه دون مناورة سياسية طويلة , حينها يمكن اللجوء الى الاساليب التالية :
اولاً – استخدام اسلوب المناورة اقتناص تحقيق المكاسب بالتدريج
( القضم ) على مراحل قصيرة متتابعة .
ثانيا – يتم تنفيذ كل مرحلة من المراحل حسب الظروف بوسائل استراتيجية مباشرة او غير مباشرة .
ذلك يتيح استخدام استراتيجية غير مباشرة تتحول بالتدريج الى استراتجية مباشرة , في هذه الحالة ان مرحلة الاستراتيجية الشاملة المباشرة تنجز عملاً كاملاً جاهزا وسريعا في لحظة تفاعل الازمة.
((( المملة العربية السعودية اتبعة تلك الاستراتيجية بعد حرب الشمال ضد الجنوب عام 1994م  , بتبنيها معارضة الخارج (موج) بهدف الضغط على نظام علي عبدالله لتحقيق هدف الاستراتيجية الشاملة للحصول على الاراضي اليمنية  بعد ان ظلت طوال عشرات الاعوام  يتعذر عليها  تحقيق الهدف بتباع الاستراتيجية غير المباشرة  )))., 
ينطبق اسلوب المناورة الثاني على الحالات التي تكون فيها الاستراتيجية غير المباشرة عاجزة عن الوصول الى أي حلول مهما كانت متواضعة , لعدم قدرتها على اجبار الخصم القبول بحل وسط مقبول من الطرفين .
((( ذلك الاسلوب في الاستراتيجية غير المباشرة الذي لم يمكن نظام على عبدالله صالح في اليمن على اجبار السعودية القبول حل الوسط , كون هدف استراتيحية صالح ليس الحدود والأرض اليمنية وإنماء كان هدف اسراتيجيته غير المباشرة  تخلي السعودية عن المعارضة (موج ) , )))  .

                               المفاوضات
ان الظروف الطبيعية للنزاعات تتصف بالتقلبات المختلفة  وأيضا طوال مدة النزاع او الصراع  , تلك الصفات تتسبب في الانهاك السريع الذي يتناسب مع قوة الجهد واستمرارية , مع فقدان تناسب الظواهر بالمقارنة مع هدف النزاع او الصراع السياسي وحجم حده العمل النفسي , تلك الظروف تفرض ظهور لحظة التفاوض لدى الطرفين بهدف الوصول الى حل وسط . عند طرح مطالب مرفوضة , ويتم التصلب في رفض بحث التنازل عن أي مطلب منها , ذلك يمكن من الابتعاد عن الانهاك وأيضا يجعل عامل الزمن يخدم موقف الطرف الذي طرح المطالب المرفوضة . إن عامل الدعاية الاعلامية التي يتم التعمد فيها خلط الحقائق , بصريحات علنية , ومنسوبة لجهات
مجهولة اضافة الى المحادثات الجانبية غير الثنائية المباشرة , مع ممارسة ضغوط في وفت مبكر , كل تلك الاساليب والإشكال تندرج ندرج في اطار العمل في مرحلة رئيسية من مراحل الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة.
ان التفاوض من اجل ايجاد حل للازمات والصراعات , قد يخرج عن اطار هدف الصراع , حيث تلعب الارادة الدولية دورا في فرض تنازلات وفقا لرؤية مستقبلية تكون عناصر القرار الخاص بنصوص الاتفاقيات المتضمنة حل الوسط , الذي يستبدل الاستراتيجية الشاملة بالإستراتيجية غير المباشرة .
((( ان تلك القاعدة استخدمت في اليمن بعد قيام ثورة الشباب فبراير 2011م , حيث فرض الحزب الحاكم لنظام صالح استبعاد هدف الاستراتيجية الشاملة ممثلاً بإسقاط النظام , وتغيير النظام السياسي , من خلال سياسة فرض تنازلات بعد استجابة احزاب اللقاء المشترك للإرادة المتمثلة في مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة , وبذلك تكون احزاب اللقاء المشترك قد سمحت للرأي العام الدولي صياغة اتفاقية حل الوسط , التي حلت محل هدف ثورة الشباب وأبقت هدف استراتيجية ثورة الشباب يخضع للإنهاك ,بدلا عن هدف استراتيجية نظام صالح الذي كان يواجه الانهاك الذي خرج منه بإتباع الضغوط التي اوصلته الى حل الوسط .   )))

                                       استنتاجات :
إن الصراع في منطقة العمل المحلي يتمتع بقيمة افتراضية فقط, وأهمية العمل يحددها مستوى خطة العمل ألنفسي خاصة خطط قرارات الحكومات, كونها تحدد شكل قيادة العمل وتلعب دورا مؤثرا على قيادة العمل. إن السياسة الداخلية لكل الاطراف هي التي تحدد في نهاية المطاف حرية عمل المسئولين في الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة .
على الاستراتيجية ان تدرس باستمرار امكانيات العمل التي يسمح بهاء الخصم المحتمل حتى تكون جاهزة للعب الدور المطلوب في الوقت الملائم طالما ليس هناك عمل حقيقي سوى المساك بزمام المبادرة .

                                                مفهوم المناورة الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة .
النظرية:
نظرية المناورة الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة تؤكد اهمية الاقتناع بالتقاء الاعمال في مختلف المجالات بشرط ان لا يكون ذلك لصالح العمل العسكري , وإنماء لصالح العمل الذي حدد باعتباره أساسياً , ذلك يتيح امكانية الاختيار على قاعدة تسلسل أفضلية العمل من بين بقية الاعمال .
للقيام بهذا الاختيار من الضروري الانطلاق من الهدف السياسي للعمل, وأيضا من نقاط الخصم الحساسة, ومن الوضع الدولي, وكذلك من الوسائط التي نمتلكها أو نستطيع امتلاكها في المستقبل.
                               استنتاجات حول الشكل غير المباشر
مفيداً جداً معرفة المناورة الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة تعتمد كل الاعتماد على اختيار المراحل المتعاقبة للجهد الرئيسي بدء من اعمال الاعداد , ومروراً بإعمال التنفيذ والانتهاء بتغيير إرادة الخصم .
في الشكل غير المباشر يمكن ان توضع خطة اولية (ليس بالضرورة ان تنطبق على جميع الحالات ) , يمكن ان تحتوي على اربعة مراحل : -
            مرحلة الاعداد التي تعتمد في الاساس على اختيار الفكرة السياسية التي تتمتع في الاستراتيجية غير المباشرة بأهمية فوق ما تتمتع به الاستراتيجية المباشرة . نظرا لتعديل حدود القوة وتعويض الضعف المادي في الاسراتيجية غير المباشرة كون اكتمالهما لا يتم إلا عند وجود الفعل النفسي .
          مرحلة تطوير القوى باستخدام الفكرة السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
         مرحلة المواجهة العسكرية التي تستخدم في معظم الحالات اسلوب حرب العصابات طويلة المدى .
                                       مرحلة المفاوضات
يجب القيام بالتوقعات لردود فعل الخصم في كل مرحلة من المراحل كما هو في الاستراتيجية المباشرة , لكن هنا الامر يختلف عن توقعات الاستراتيجية المباشرة , لأنها لا تستطيع الامتداد لتشمل مجمل العملية التي قد تستمر عدة سنوات . في هذه الحالة نضع خطة اساسية عامة , والى جانبها يتم الاكتفاء بوضع التوقعات لجميع الحالات في مختلف المراحل , ذلك اساسه المدة الطويلة للصراع التي تجعل احتمالات تبدل الظروف الداخلية والخارجية تبدلاً عميقاً لا يمكن توقعه في البداية .
ان مستوى القرارات السياسية تتمتع بأهمية كبيرة كون ذلك المستوى من الجدل هو المفتاح الذي يحدد مجمل المناورة .
                               استنتاجات
ان وصف الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة حسب الشكل الذي ظهرت به في حروب مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار , وبالرغم من ذلك لا ينبغي تجاهل الصفة العامة للإستراتيجية غير المباشرة وإمكانيات التطبيق التي تمتلكها في اشكال العمل .
إن جزء من الحالة الحالية للإستراتيجية غير المباشرة يعود الى الردع النووي الذي ادى الى انخفاض امكانيات
الاستراتيجية المباشرة , وأيضا الظروف والحالة النفسية للعالم المضطرب والذي فقد توازنه يعتبر جزء من الاسباب التي جعلت الحالة الحالية للاستراتيجبة غير المباشرة في تراجع , هناك اسباب اخرى منها ولادة حضارة تقنية جديدة لعبت دورا مؤثراً سلبا . وهنا نجد الاستراتيجية غير المباشرة تلاءم مع التطور الهائل الذي اثر ايجاباً
على المشاعر وموقفها من العنف بعد الماسي التي عاشتها الانسانية في سنوات الحروب الاخيرة التي لم يكن معنى لها . إن الانسان اصبح يمتلك من القوة وبشكل متطور , ذلك جعله يميل الى رفض استخدام الحد الاقصى من القوة وبشكل واسع , وإذا استمر ذلك الميل واتجهت القوة لتحقيق الردع بدلا عن العمل , اضر العمل الى استخدام استراتيجية غير المباشرة كونها الاستراتيجية الوحيدة القادرة على تحقيق نتائج هامة مع استخدام محدود للقوة ,
التي تتناقص حتى تصل الى المناورات المجردة  من مستوى القرارات السياسية .
  إن التأكيد على الاستراتيجية الشاملة غير المباشرة , انها هي استراتيجية المستقبل المحتملة ذلك التأكيد اساسه
المتغيرات والتطورات في العلم والتعليم والتكنالوجيا والديمقراطية وحقوق الانسان .

                                             استنتاج عام
                             مستخلص من دراسة وتلخيص استراتيجية العمل 
اولا : إن استراتيجية العمل تشكل الجانب الايجابي للإستراتيجية الشاملة التي يقتصر دورها على تنفيذ الادوار
التي ترسمها السياسة العليا .
ثانياً : من المهم تحديد تبعية استراتيجية العمل هل تابعة لمجال الاستراتيجية او لمجال السياسة , من خلال التلخيص للكتاب ثبت بأنها تابعة للمجالين , كونها تعمل وتحقق الامتداد والربط للأساليب الدقيقة الخاصة بالإستراتيجية لإيصالها الى حقل السياسة العالمية . انها تتمتع بتركيب واع ومنهجي , يساعد على فهم آلية العمل
بكل وضوح , ليحل الفهم بدلاً من استخدام الاساليب التقريبية العفوية .
ثالثاً :ان استراتيجية العمل هي علم ككل العلوم المعاصرة , تتضمن عدداً من القوانين والمفاهيم العلمية الصحيحة
اضافة الى انها تمكن من اجراء تحليل معقد ودقيق للحاضر والمستقبل بالاستناد الى التاريخ القديم والمعاصر , لذلك هي مجال عمل المتخصصين الضالعين في السياسة والعلم العسكري وذي القدرة على متابعة تطورات الاوضاع الداخلية والخارجية , وليس الهواة المتسببين في الهزائم وسقوط الدول .
رابعاً : إن استراتيجية العمل تفرض على المستويات العليا في الدولة الاقتناع وتقيل مفهوم الاستراتيجية الشاملة حتى يحل علم الاستراتيجية بدلاً من مفهوم ( الدفاع الوطني ) , الذي تجاوزه العصر , بدلاً من التحرك وسط كوم من اطنان ورق المنشورات والبلاغات والتقارير التي تغمر الإدارات ومكاتب القيادات العليا , بدلاً عن تلك الاشكال المتخلفة , يجب ان تقوم مجموعة من اصحاب العقول النظيفة والمتخصصة غير الاسيرة  لنظرية المؤامرة  بدراسة
احتمالات وتوقعات التطور , كذلك مكتب اخر متخصص بوضع برامج متنوعة ومختلفة لحالات العمل والردع  ,
ومكتب رديف يعمل على متابعة وقيادة عمليات الصراعات والنزاعات والردع المستمرة في العالم بأسره ,ووضع
مشاريع المستقبل . ليس بالضرورة ان تكون البداية مكتملة , المهم ان نبدأ , من الان حتى ان كانت البدايات ناقصة افضل من الانتظار .
سادسا إن العمل لا يتم من فراغ , بل يجري وسط الاحداث , وبدوره يخلق الاحداث من خلال تدخله المباشر في الاحداث والعمل نفسه يحدد القوى التي ستعمل لصالح العمل ويفرز القوى المعطلة للعمل او التي تقف علناً ضد العمل , ذلك يرشدنا الى اجراء تحليل سياسي يسبق فكرة العمل الاستراتيجي .
سادساً : فكرة العلاقة بين السياسة والإستراتيجية هي ارتباط اهتمامات مشتركة في المراحل ( العادية ) كما هي في المراحل ( الاستثنائية ) , باعتبارهما اسلوب في التحليل يهدف الى اظهار ومعرفة الاخطار القادمة والتعامل معها في الوقت المناسب , ذلك ما تطلبه السياسة من الاستراتيجية عندما يعلق الامر في مرحلة من المراحل تحقيق هدف او اهداف رادعة او ايجابية . من هنا نستنتج ان الاستراتيجية لا تعمل باستمرارية ولكن الاهتمام الاستراتيجي يجب ان يكون دائم .  إن الاختلاف بين (السياسة العليا ) و ( الاستراتيجية الشاملة ) , فقط في المضامين الفكرية الخاصة بكل وحداة منهما , الاولى تتميز بصفتها فلسفية ايجابية خلاقة , في حين الثانية تتصف باعتبارها براغماتية عقلانية
تعود باستمرار الى الهدف السياسي .
سابعاً : ان هناك علاقة بين الاقتصاد والإستراتيجية , علاقة تكاملية , وبالرغم من ذلك كل منهم له منطق عمل
وله هدفه السياسي المنشود , للاقتصاد منطقه الداخلي ويتحكم بالعمل في اطار السياسة الداخلية . وتلعب الاستراتيجية نفس الدور في اطار السياسية الخارجية . هناك مناطق تختلط فيها اساليب وأهداف الاقتصاد و الاستراتيجية مع السياسة ذلك بسبب  التداخل عند اشتراك الاقتصاد والإستراتيجية لخدمة السياسة , في هذه الاثناء
تؤثر الاستراتيجية على الاقتصاد , بسبب تكاليف التسليح وإعادة توزيع جزء كبير من الدخل القومي .
انطلاقاً من تلك المفاهيم المستخلصة من دراسة استراتيجية العمل التي تؤكد الفاعل العضوي ,ذلك يلزم  دراسة
الاقتصاد والإستراتيجية كوحدة مشتركة ووضعهما في قالب واحد وليس كمجالين مستقلين .
ثامناً : الشعوب تطمح باستمرار بحركة التطور , في ظل التنافس الكبير والمواجهات والصراعات , وايضأ في فترات التوازن يظل الطموح متوهجاً بفعل التحالفات التي تفرضها مقتضيات الحالة التي تتشابك فيها المصالح المبنية على حسابات الربح والخسارة ودوافع اخرى  مثل التقارب الجغرافي  والمعتقدات الدينية والتوافق الحزبي
والأيدلوجي والأهواء كل تلك التناقضات التي تدرسها الاستراتيجية , وسط حركة التاريخ الهادرة , بالرغم من كل ذلك تبقى الاستراتيجية القانون الذي يحكم علاقات القوى لكل الانظمة السياسية الممثلة للشعوب , خاصة ان القوى
سبب الدمار والأذى التي تتناقض مع الافكار والأحاسيس المعاصرة  , ذلك يجعل الانسان في مكانة يستطيع منها
قيادة التاريخ بصورة مقبولة لو ضمن بعض الحدود التي تساعده على التخلص من الارتجال الخاضع لقوانين الصدفة. 

                          اعداد :
                       جعفر محمد سعد
                 باحث في الشؤون العسكرية
                    لندن ابريل 2012م