انتصارخميس: الجنوبيين لهم الحق الكامل بالطعن بشرعية الوحدة المفروضة بالقوة طباعة
سياسة - مؤتمرات وندوات
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 18 مارس 2009 06:21
صوت الجنوب/2009-03-18
في الندوة الذي أقامها منتدى منبر التضامن للرأي والرأي الآخر التابع لمجلس التضامن الوطني  صباح 17/3/2009م  (القضية الجنوبية: المقدمات - الانعكاسات - النتائج) وذلك في فندق ميكيور في خورمكسر عدن  بحضور عدد من قيادات الحراك السلمي الجنوبي الناشطة السياسية انتصار خميس عبدالله قدمة ورقة للندوة قالت فيها: «إخوتي الكرام المشاركون والمشاركات.. لقد
 تشبع الشعب في الجنوب بالروح الوحدوية بحكم التنشئة وبالعمل الدؤوب في الجنوب بين مواطنيها كانعكاس طبيعي للمد القومي الذي ترعرعت عليه قيادات الجنوب بحكم نشأتهم في حركة القوميين العرب فعمقت تلك الروح الوحدوية وجعلتها في شعار رسمي (لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية) بالرغم من أنه لم يوجد في مراحل التاريخ ما يؤكد توحد الشمال مع الجنوب في دولة واحدة إنما جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية دولة ذات سيادة لها دستورها وقوانينها وانظمتها ولها مكانتها في الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة وممثلة في مختلف المنظمات والهيئات العربية والإسلامية والدولية وكان للشمال دولته وتمثيله أيضاً وعند نشوء أية صراعات بين الدولتين تتدخل الجامعة العربية والأمم المتحدة بينهما باعتبارهما دولتين لكل منهما سيادتها وشعبها وحدودها المعترف بها عربياً ودولياً حتى نوفمبر 1998م (اتفاق الوحدة بين الدولتين).

في ضوء اتفاقية نوفمبر 1998م تم الإعلان عن الوحدة بين الدولتين في 22 مايو 1990م قدم فيها قادة الجنوب التنازلات الكثيرة: الرئاسة - العاصمة - المساحة المقدرة 368 ألف كيلو متر مربع - ثرة ضخمة من النفط تقدر بحوالي 80% مما تنتجه الدولة الموحدة ناهيك عن الأسماك، والزراعة والثروات المعدنية والمصادر الاقتصادية الأخرى، وهذا تعبير عن مصداقية القيادة الجنوبية في تعاملها تجاه الوحدة باعتبارها هدفاً وحلماً عظيماً، وليس هروباً إلى الأمام كما يدعي النظام الحاكم، حيث قابل النظام مصداقية وتنازلات الجنوب بمنظور وتفكير مغايرين تماماً لهدف الوحدة حيث نظر إلى الوحدة على أنها فيد واستحواذ على الأرض والثروة دون النظر إلى التأسيس لدولة عصرية - دولة الحداثة والنظام والقانون - فبدأ ممارسة التنكر والالتفاف على اتفاقية الوحدة والقيام بعملية الاغتيالات لقيادة وكوادر الجنوب حتى بلغ عدد ضحايا الاغتيالات 253 كادراً جنوبياً ناهيك عن تعطيل عمل الوزارات التي يديرها الجنوبيون، وتعرضت منازل العديد منهم للهجمات العدوانية.

كل تلك الممارسات وغيرها هدفت إلى نشوء الأزمة. والتوتر، وتداعت القوى الوطنية لوضع المعالجات وخرجت بالتوقيع على وثيقة العهد والاتفافق في 20 فبراير 1994م ولأن النية والإصرار المسبقين من قبل نظام صنعاء من الانقلاب استمر في توتير الأمور ليعلن في صيف 1994م الحرب على الجنوب وليس على الاشتراكي كما يدعي لأن عدد أعضاء الاشتراكي حينها في الجنوب لا يزيد عن 26 ألف عضو.

ولكن الحرب عمت الجنوب وشعب الجنوب كله وهذا ما بات جلياً ما بعد 7/7/1994م حيث نكث النظام الحاكم بتعهداته للأمم المتحدة ورفضه لقراري مجلس الأمن (924) و(931) وأخذ هذا النظام يستبيح أراضي وممتلكات الجنوبيين ونهب الثروة، وتسريح منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من أبناء الجنوب، وخصخصة المعامل والمصانع والمؤسسات بطريقة غير مشروعة ورمي العاملين فيها إلى التقاعد القسري أو إلى البطالة حتى اصبح لدينا في الجنوب جيش من العاطلين، بعبارة مختصرة تحطيم كل البنية التحتية التي بنتها دولة الجنوب.

كما عمل على طمس تاريخ نضالات شعب الجنوب عبر تغيير مسميات المدارس والشوارع والتزوير في مناهج التعليم وتهميش مطار عدن ومينائها والسعي إلى تغيير معالم عدن وغيرها من مناطق الجنوب، وإطلاق أيادي المتنفذين للعبث بالجنوب شعباً وأرضاً وثروة وكرس منطقاً انفصالياً على كل جنوبي يعترض على باطل أو ظلم يلحق به أو يطالب بحق مشروع له، وأصبح من يدير زمام الأمور في مناطق الجنوب هم العسكريون من الشمال، ناهيك عن قيام النظام الحاكم بتعديل 80 مادة من دستور دولة الوحدة مما أفقد الديمقراطية جوهرها وحصرها في مفردة واحدة وهي الانتخابات التي تتسم بعدم نزاهتها والهدف منها فقط أعادة إنتاج النظام نفسه، وكل هذا يقودنا إلى الاستخلاص بأن القضية الجنوبية قضية أرض وثروة وشعب وهوية وتاريخ.

وقد كرس النظام سياسته العجيبة (سياسة التسبيع) فأطلق على كل ما في الجنوب مسميات (7/7) حتى البحر والحجر والجبل والشجر تلذذاً بهذا اليوم المشؤوم على كل الجنوب وأبناء الجنوب وعمل النظام على حذف أسماء الشهداء في الجنوب واستبدلوها باسم (7/7) وكأن هذا الاسم أغلى من دماء شهداء الوطن وكأن 7/7 هو فتح عمورة لديهم فما الحكمة من ذلك وإنما المثل يقول: (كم من عقل أسير تحت هوى أمير).

إن هذه الحركة الجماهيرية المباركة في الجنوب لم تكن وليدة الصدفة أو نبتة شيطانية وجدت من فراغ ولكنها نتاج طبيعي لتراكمات ومعاناة منذ أمد طويل وامتداداً متواصلاً لها على نحو متطور لسلسة من الاحتجاجات والاعتصامات والمسيرات والمظاهرات التي شهدتها العديد من مدن محافظات الجنوب لمقاومة غطرسة وعنجهية النظام خلال الفترة التي عقبت حرب صيف 94 العدوانية الظالمة التي اجتاحت الجنوب بقوة الحديد والنار واستباحت أرضه وإنسانه وهويته وتاريخه وثرواته وهدمت كل ما يتصل ببنيته التحتية بصورة ثأرية وانتقامية وإلغاء شراكته في الوحدة وطرد قياداته وكوادره وعماله وموظفيه وارتكاب جرائم لاحصر لها تفوق بشاعة جرائم المستعمر الأجنبي أثناء احتلاله للجنوب.

إن حجم المأساة الجنوبية كان كبيراً وعظيماً فقد قضت تلك الحرب الشرسة على الوحدة بكل معانيها وعملت على وأدها ودفنها.

نتائجها:

إن مجمل تلك الأعمال والممارسات التي اتبعها النظام أوجدت شرخاً غائراً في النفوس وكرّهت الجنوبيين في الوحدة لأنهم لم يروا فيها سوى الظلم والقهر وإهدار الكرامة وسلب الحقوق بطرق تعسفية لايرضاها دين أو عرف أو قانون، فانعكس ذلك على أبناء الجنوب لينظموا أنفسهم في مكونات حركة النضال السلمي، التي قابلها النظام بالقتل والاعتقالات والملاحقات والاتهامات الكيدية، بينما يتعاطى هذا النظام ويتحاور مع من يقطع الطرقات ويمارس الاختطافات وغيرها من الممارسات المخلة بالنظام والقانون، وهنا أخذت مكونات النضال السلمي الجنوبي تتدرج في مطالبها بدءا من إصلاح مسار الوحدة إلى الاعتراف بالقضية الجنوبية والعودة إلى قراري مجلس الأمن 924و 931 حتى وصلت المطالبة إلى مطالبة من نوع آخر غير الوحدة الاندماجية التي أخذت طابع الضم والإلحاق أمام صلف النظام الحاكم وتعنته ورفضه للجنوب كشريك للوحدة، أضحت القضية الجنوبية القضية الأولى من مكونات الأزمة العامة التي تعيشها البلاد، وإدراكاً من بعض القوى السياسية والمنظمات الاجتماعية ومنها (مجلس التضامن) وشخصيات سياسية بأن القضية الجنوبية قضية حقيقية وليست مفتعلة أو قضية غوغائيين كما يدعي النظام تقدمت هذه القوى والمنظمات وشخصيات بمبادرات القضية الجنوبية. وهذا لايعني أنها ضد الوحدة المعمدة بالدم والتي جعلت من الجنوبيين وكأنهم تحت وضع أحتلال، وإنهم يمتلكون الشرعية لاستعادة حقهم بالحياة الحرة الكريمة والمستقرة أمنياً ومعيشيا والخلاص من ممارسات القمع والقتل والقهر وإهدار الكرامة.

وإن كل هذه المعاناة لأبناء الجنوب تعطي الحق الكامل لهم بالطعن بشرعية الوحدة المفروضة بالقوة (وحدة مابعد 94) واختيار طريق النضال السلمي أمام المدفع والدبابة وحتى ينتزع الاعتراف بالقضية وحلها أو حتى يفعل الله تعالى ما يريد.

ختاماً نقول هذه هي القضية الجنوبية ونأمل أن نكون قد لامسناها بحق ولو بشكل متواضع».


آخر تحديث الأربعاء, 18 مارس 2009 06:21