هكذا يمسخون هوية الجنوب في الذكرى الخامسة عشر لإحتلال الجنوب طباعة
سياسة - سياسة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأحد, 05 يونيو 2005 01:47
هكذا يمسخون هوية الجنوب"
(في الذكرى الخامسة عشر لإحتلال الجنوب
الكاتب: د/ ف ح
أهنئ أخي العزيز الحبيب/عبــــــــــده النقيب على ذكائه وقدرته الفائقة وفطنته وإمكانيته الكبيرة الذي أستطاع بها إيصال قضيتنا بالشكل اللائق عبر قناة "المستقلة" بالرغم من فهمنا لطبيعة كافة الأمور وفبركتها ومحاذيرها أكانت من خلال صعوبة إعطاءه الفرصة المقننة أو المقاطعات المتواصلة. إلا أنه للأمانة أبدع كثيراً وقلب الموازين رأساٌ على عقب وأحرج الكثيرين ممن أرادوا أن يكونوا شاهدين زور ... أو ممن أراد لنفسه أن يغيّر ملامح الحقائق والتاريخ ... فبرافو عليه ... رغم أنه كان يفترض من القناة المعنية أن تستظيفه رسميا وتجيب من تجيب بحيث يكون الحوار ديمقراطي مفتوح ... لكننا قدّرنا كل شئ وهذه الأمور لم يعد لها أن تنطلي على أحد، ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين ... إلا أنه بالرغم من كل شئ كان النقيب عظيماً ومبدعاً."
في الواقع أرادت قناة "المستقلة" أن توهم نفسها والآخرين بأنها تتعاطف مع قضية وحدة واهمة نفسها بأن هذه الوحدة هي الصحيحة وعلى طريق الوحدة العربية ... هي أي قناة المستقلة ومن كان حاضراً معها من أصحاب الإصطفاف الشمالي، وكأن الوحدة قد تمت ولم يبقى إلا تصحيح بعض الأخطاء، تكمن في بعض الوظائف لمن لم يسعفه الحظ والدعوة لمن أراد أن يعود، يعود والوطن يتسع للجميع والمشاركة في السلطة أتسمت بفهمهم بأنها تتكي على التعداد في أصوات الإنتخابات كما أنهم أرادوا إقحامنا بمفاهيمهم لمسألة لا علاقة لنا بها ألا وهي قضية الوحدة الوطنية وهي مسألة خاصة بهم وحدهم كمواطنين لنظام الجمهورية العربية اليمنية. ويبد لي أنا شخصياً في الأساس أن فلسفتهم هذه هي المعضلة ذاتها وأنهم لا يزالون يعالجون الخطأ بخطأ أخر يفاقم الأمور أكثر فأكثر متناسين بأن شعب الجنوب كان دولة وأن دولته المترامية الأطراف والذي تشكلت دولته المتكاملة من السلطنات والإمارات والمشيخات ومستعمرة عدن والذي تجلى إتحادها ب "إتحاد الجنوب العربي" والذي مؤخراً كانت دولته تسمى ب "جمهورية اليمن الديمقراطية" ... ألا يعرف هؤلاء وكل من يقف معهم في الإصطفاف التشطيري لمسخ هويتنا وتراثنا هذا بان اليمن ما هو إلا تسمية لإتجاه جغرافي ولم تشكل دولته إلا في بداية القرن العشرين بعد الحرب العالمية الأولى، في الوقت الذي كانت في الجنوب المشيخات والإمارات والسلطنات عبارة عن دويلات ذات سيادة قائمة بذاتها منذ قرون، أيجهل هؤلاء التاريخ ؟؟؟!!!! أم أنهم يريدون التأكيد لما قاله الشاعر نزار قباني "هل التاريخ كذبة وطنية أم مثلنا التاريخ كاذب" . وهل تذرعهم بالإنتخابات بمفهوم المغفور له المناضل/ سعيد صالح "إننا نخلط حبتين كري بزفتين نيس" أهذه هي الصناديق!!!... وهل طموح الناس بالوصول إلى مرتبة الحيوان هي المطلوبة حقاً لفهم العدالة والحقوق المتساوية في المواطنة ، هذا إن أفترضنا بأن هناك دولة جديدة إسمها "الجمهورية اليمنية" وقد ذابت به الهويتان الشمالية والجنوبية في هوية واحدة... وهذا الذي لم يحصل قط لا في الواقع ولا في النفوس بل على العكس، وقد أثبتت الحياة المعيشية المعاشاة إن ما يجري هو إذابة الهوية الجنوبية في الهوية الشمالية وبإستقصاد ، إضافة للنهب والسلب المنظم ... أي إبادة الجنوب أرضاً وإنساناً والعبث بكل مقدراته... ألم يكن هذا فقط هو المبرر في إعطاء النموذج السئ للمشروع القومي العربي ... ألم يدرك هؤلاء بأنهم هم الذين يسيئون للمشروع القومي العربي بتصرفاتهم هذه ويعطلونه ... ألا يدركون هؤلاء بأن كلامهم الملفق عن الوحدة الوطنية هو شأنهم هم أنفسهم الشماليون وحدهم أصحاب الإصطفاف الشمالي أما الحوار أو أي كلام مع الجنوبيين حول قضية الوحدة الحالية المعطلة هو بحاجة إلى حوار سياسي مع الجنوبيين أي أنه حوار سياسي جنوبي شمالي لوحدة سياسية تم الإعلان عنها لوحدة بين الشماليين والجنوبيين . ألا يدرك هؤلاء بأن أي جنوبي بحكم انتماءه للجنوب يحق له رفض هذه الوحدة الكاذبة والمعطلة ... والمتنقلة بين تلصيق الإتهامات الزائفة بمفرداتها المعلبة الجاهزة مثل إنفصالي أو من أصحاب عدن للعدنيين والشتائم والتجريح لكل من هو جنوبي أكان من، ممن لا يزال ديكوراً محنطا في السلطة أو خارجها ... و"عدن" هذه الذي اليوم تنتهك وتفبرك ديموغرافيتها بإسم الوحدة وتنتهك بكل المقاييس وبإسم الوحدة .
الا يدرك هؤلاء الذين يدجلون علينا بأنهم سيعلموننا الديمقراطية بأن "عدن" يبد أنها هي كانت الرائدة للديمقراطية في المنطقة العربية كلها منذ قبل نيل إستقلالها بكثير وولدنا ب "عدن" وولد آباءنا في ظل هذه الأعراف والقيم والتقاليد ... كما أن "عدن" المستعمرة البريطانية بكاملها وهي التي كانت معروفة للقاصي والداني بأنها كانت كلها حرة وهي الأصل والفصل ولا أحد يستطيع أن يدحض التاريخ .
وفي الواقع فيما يخص قضية الديمقراطية نرجو عدم المزايدة بها علينا لأن فاقد الشئ لايعطيه والمطلوب هو فقط أن تعودوا لتاريخ عدن والجنوب ... لان إصلاحات الزيف لم تتطلب مجرد خطابات إعلامية أو التفكير في الإقترابات أو مجرد التفكير بفتح الأبواب وإنما المطلوب هو إصلاح النظام السياسي وإرساء نظام الحكم الصالح ... بالرغم من أنه صحيح لبعض الشئ تعطلت هذه المفاهيم وافتكرنا بأن الديمقراطية الإجتماعية هي الأصل والفصل ... ولكننا في الحقيقة سرعان ما عاودنا الرجوع لديمقراطيتنا السياسية كحنين لتقاليدنا وأعرافنا وقيمنا السابقة والذي أٌرسيت في وثائق الوحدة.
كما أن الذين يعملون جاهدين ليل نهار وهم الحاقدون الحقيقيون على "عدن" وأبناءها ... وهم الأصل في فبركة مسخ الهوية ومخططي فبركة التهجين والتحول الديموغرافي بوقاحة القرار السياسي متناسين حتى طبيعة القوانين الإجتماعية بتكبير المدن إن أرادوا التطوير وحل بعض المعضلات الإجتماعية ... علما بأن هؤلاء لم يعملوا حتى على إنشاء ولا أي مشروع إقتصادي يستفيدون منه "أبناء عدن" وإنما أنشلوا بعض من المشاريع الخدمية لصالحهم وموظفيها كلهم شماليين وهذا هو الواقع وهذه هي الحقيقة ... وكأن المسألة عبارة عن إحتلال إستيطاني بالرغم من الإمكانيات المتوفرة لهم وكان بإمكانهم بناء مجرد مستوطنات بعيدة عن أعين المواطنين حتى لا تتراكم أحقادنا عليهم .
وأخيراً نذكركم أيها الأخوة الشماليون بأن "عدن" هي كانت ولازالت وستظل العاصمة لدولة الجنوب فأقرؤوا التاريخ بتمعن قبل أن يقرأكم التاريخ نفسه. فقبل إنشاء مجلس الأمن وقبل تأسيس لجنة تصفية الإستعمار بمجلس الأمن وقبل أن تسمح بريطانية بتشكيل الأحزاب وقبل أن تتحرر أي دولة عربية من الإستعمار ... وبعد الجهد الجهيد في السماح لإنشاء النوادي والجمعيات كمؤسسات المجتمع المدني ... ولمقارعة التمادي والحد من خطورة الهجرة ومسخ الهوية ل"عدن المستعمرة" وليس لأبناءها ... وليس مثلما تعملوه أنتم حاليا في مسخ هوية "عدن وأبناءها" تشكلت في ذلك الحين "الجمعية العدنية" ورفعت شعارات المطالبة بإستحقاقات إدارية مثل تعريب اللغة في التعاملات وتعريب الوظائف وتعريب التعليم وأخرى من الإستحقاقات الإدارية ... وكلها كانت مطالب سياسية بشماعة المطالب الإدارية الذي في ذلك الحين كان القانون البريطاني يحرم العمل السياسي في المستعمرة وكان ذلك في مابين الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي ... فهل بدأتم تعيدون حساباتكم في تاريخ "عدن العظيمة" وتاريخ أبناءها لذلك الحين وعدن العاصمة لدولة الجنوب بعد ذلك؟؟؟!!! ... أم أن ديمقراطية "دق يا نُص" وهو فهمكم لذلك... وستكون هي السائدة وستبقون ترددون مثل الببغاء أحقادكم علينا بشماعة كلمة اليمن والذي لا نفهمه ولا نعرفه إلا على أساس أنه إسم فقط لإتجاه جغرافي تريدونه أن ينطلي علينا!!! ... وإن أصريتم علينا المغالطات وأردتم الإستمرار بالتعنت وتزوير التاريخ وقلب الحقائق وقهر إرادة شعبنا ومحاولة الإستمرار بمسخ هويتنا ... فسنبدأ لكم بسرد التاريخ بالتفصيل مند قبل إنشاء الجمعية العدنية ... مروراً بتأسيس "نادي الإصلاح العربي" والجمعية الإسلامية السابقة وهو ما شُكل قبل الجمعية العدنية ومن ثم الجمعية العدنية وحزب رابطة أبناء الجنوب العربي والتمردات القبلية في الأرياف وعواصم الولايات وإستشهاد "قاسم هلال" ونفي محمد علي الجفري وشيخان الحبشي مروراً بالمد القومي العربي بذلك الحين والحزب الوطني الإتحادي والدستوري وحزب الشعب الإشتراكي والدور الوطني الكبير والتاريخي لمؤتمر "عدن" للنقابات ودور المحاكمات والإعتقالات وجلد المعتقلين السياسيين ودور الصحافة الجنوبية بمقارعة الإستعمار والمطالبة بحينها بتحقيق الحكم الذاتي وبمرور مراحل حرب التحرير بكل أصنافها السياسية والعسكرية والتي تجلت بالخطاب التاريخي الشهير للرئيس العربي الراحل "جمال عبدالناصر"عندما قال "على بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل من الجنوب العربي".
إننا لا نؤجج الخلاف معكم وإنما ننصحكم بالكف عن الزيف والتزوير وقلب حقائق التاريخ ونكران ما قدمه الجنوب لكم أكان في القِدم أو بعد إعلان الوحدة الزائفة والذي بها الآن كَشّيتم على مًقدرات وثروات الجنوب وأرضه وأنتهكتم كل الأعراف والتقاليد وعطلتم القيم ... فأستحودتم على الوظيفة العامة وسخرتموها بكل وقاحة لأهلكم الشماليين المحسوبين عليكم ونهبتم المواقع العامة والخاصة واعتبرتموها إرثاً زائفا لكم ولأهلكم "عيني عينك" وبإسم الوحدة الزائفة أيضاً. وشلحتم كل مؤسساتنا الجنوبية ونهبتموها تحت سطع الشمس دون حيأ أو وجل ... كما أنكم وزعتم أمنكم البوليسي السياسي والعسكري والإستخباراتي على كل شبر في كل الجنوب وأخترقتم تقريبا كل بيت وبالذات في العاصمة "عدن" ومزقتموه أكان بفهلوة الترغيب أو الترهيب ونشرتم معسكراتكم وجيوشكم في كل بقاع الجنوب لترهيب أبناء الجنوب ... فهل هذه هي الوحدة يا غزاة الجنوب ؟؟؟!!!.
صنعاء في يونيو 2 2005
آخر تحديث الأحد, 05 يونيو 2005 01:47