سوق البلدية بكريتر صرح تاريخي عريق تعالت صرخاته طباعة
عام - تحقيقات
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 07 فبراير 2009 01:43
صوت الجنوب/2009-02-07
تحتل أسواق البلدية في مدينة عدن أهمية تاريخية كبيرة, كونها تحكي تاريخ وطن. ومن هذا الأسواق سوق مدينة التواهي الذي بني في عام 1896 م إلى جانب سوق مديرية المعلا الذي أنشئ تقريبا في عام 1930م وسوق الشيخ عثمان في بداية القرن العشرين

صورة جانبية لسوق البلدية

وتحتل مدينة كريتر مكانة تاريخية كبيرة ويقع السوق في قلب مدينة عدن على مساحة عشرة ألف متر تقريبا ، وهذا السوق أصابه ما أصابه من تدهور وإهمال وانعدم النظافة الواضحة على جدرانه, وكذا عدم وجود التيار الكهربائي في بعض المواقع منها, وتدلي توصيلات الكهرباء بشكل قريب من رؤوس المارة. في الأعوام الأخيرة حصل عدد من التشققات والانهيارات التي سببت الرعب في نفوس المواطنين الذين يرتادون هذا السوق ، وما يلفت النظر في الموقع الحيوي المهم وقوف السيارات وافتراش الباعة مداخل السوق والبعض يفترش بالقرب من الحمامات العمومية التي تقع في مدخل السوق المحاذي لسوق القات.

جولة سريعة في هذه المواقع التي تضم ثلاثة أسواق ترتبط بشكل مباشر بحياة المواطنين, سوق الخضار والفواكه, وسوق الأسماك واللحوم والدواجن, إلى جانب المساحة المخصصة لبيع القات, في هذه الحلقة نلتقي بعدد من الجهات ذات العلاقة والقائمة بإداراة السوق وكذا المستفيدين من هذه الأسواق من باعة ومشترين .

صرخات المواطنين:

أجمع عدد من المواطنين على أن السوق فقد مكانته السابقة حيث كان في السابق منظما ونظيفا والأسعار موحدة, ولكن حاليا كثر الباعة المفرشون في أرضية السوق, عشوائية الأسعار واختلافها من بائع إلى آخر, إلى جانب افتقاره للنظافة وأصبح السوق ضيقا بدرجة كبيرة, وأغلقت بعض من منافذه وأكدت النساء أن دخولهن السوق أصبح شبه نادر, كونهن يجدن الكثير من المعاكسات الصادرة من بعض الباعة ومرتادي السوق.

وأوضح المواطنون أن هذا السوق بحاجة إلى ترميمات ونظافة تعيد له مكانته السابقة.

رأي الباعة المستفيدين من السوق:

صرخات البعض كانت غاضبة كونهم يدفعون الرسوم ولديهم تصاريح مزاولة المهنة, ولكن وجود الكثير من الباعة المفترشين لأرضية السوق والعاملين من دون تصريح يعيق عملهم, إلى جانب عدم الاهتمام بالنظافة من قبل هؤلاء الدخلاء على السوق حسب تعبير أصحاب المفارش .


سوق السمك
وطالبوا بسرعة إيجاد حل لتسرب المياه التي تنزل على رؤوسهم وفوق منتجاتهم، وقالوا:أصبحنا نعيش في حالة رعب دائم كون بعض الجدران تساقطت فوقنا نتيجة لتسرب المياه, إضافه إلى وجود الكثير من القذارة ووجود فئران, وعدم إعطائنا أدوية لتنظيف المفارش.

وأكد البعض منهم بأن النساء يتلقين الكثير من المضايقات من البعض ولا يستطعن الدخول إلى السوق.

حمزة سلطان عبدالكريم مشرف النظافة في السوق يقول:«لا يوجد التزام بمعايير النظافة خاصة فيما يتعلق بالبراميل, حيث يرمي البائع المخلفات في الأرضية إلى جانب تسرب المياه, نتمنى ترميم السوق وإلزام الساكنين في الطابق الأعلى بترميم منازلهم، والباعة باستخدام براميل لجمع القمامة».

المهندس على عبدالجبار القلعة يقول: «أجبرتني الظروف المعيشية على بيع القات, ونعاني عدم وجود قانون نستند إليه لدفع الضريبة حيث أصبح دفع الضريبة بمزاج المحصل والقانون يحميهم ، نطالب بأن تكون الضريبة بحسب الوزن»، مؤكدا على ضرورة تطبيق النظام على جميع الباعة «فنحن ندفع التزامات للدولة».

شوقي صالح مصلح رئيس قسم الأسواق والحدائق يقول:«السوق بحاجة إلى صيانة وخاصة السقوف التي نعاني منها ولم نجد لها حلا، بالإضافة إلى البيع بأرضية السوق, ونتمنى أن يتم اتخاذ القرارات الحاسمة لحلها بتعاون جميع الجهات ، كما نعاني من ازدياد باعة الخضار والفواكه, وهناك سوق تم استحداثه لكن لم يستكمل».

وأضاف :«كون أن القائمين بالنظافة يقومون بواجباتهم لكن كثر الباعة وعدم وجود مفارش كافية يؤدي إلى عدم النظافة».

وأكد الأخ شوقي أنه «في حالة تعاون جميع جهات الاختصاص للعمل معنا لعاد السوق لوضعه الطبيعي».

وأضاف:«توجد مفارش فاضية يرفضها المفرشون لأنها بعيدة عن وصول المواطنين إليها».

وقال: «حاليا نفكر بفصل الخضار عن الفواكه ولكن تواجهنا مشكلة أخرى ما أحد راضي يتخلي عن مفرشه».

مؤكدا أنه «تم تنظيف بعض الممرات الخاصة بالسوق والتي كانت يصل فيها تراكم القمامة إلى مستوى عال, ولكن بجهود وتعاون الجميع تم تنظيف تلك الممرات».

وأضاف:«نشكر كل من يعمل على مساعدتنا في تأدية مهام عملنا ونخص بالذكر الأخ مدير عام المديرية ومدير الأشغال بالمديرية على تعاونهم معنا ومدنا بكل ما نحتاجه».

يقول الأخ عصام عبد ربه مشرف سوق العيدروس:«نواجه الكثير من الصعوبات حيث قام الكثير من باعة القات بافتراش مداخل السوق وخارجه, مما يسبب الكثير من العوائق إلى جانب استخدام الأسواق بصورة دائمة من قبل المخالفين», وطالب الأخ عصام باستحداث أبواب للسوق ليتم إغلاق الأسواق بأوقات محددة, للحد من الكثير من الشبهات وتضييق الخناق على الفارين الذين يستخدمون الأسواق .


البوابة الرئيسية لسوق البلدية بكريتر
موضحا أن عملهم في السوق متواصل بشكل دائم ويعملون على فترتين, وذلك للحد من خروج الباعة إلى الشارع «وهذا يتطلب منا مجهودا كبيرا»، مؤكدا أن السوق بحاجة إلى ترميم بشكل كبير.

الأخ طارق أحمد علي يقول: «الوضع سيء جدا في السوق ونحن نعمل على ترتيب الوضع فيه وإدخال الباعة للداخل, ولكن نجد الكثير من الصعوبات فالوضع في السوق غير مناسب, فنحن نجد الكثير من العتاب من المفرشين ومن الجهات المسؤولة, وأصبحنا بينهم نبحث عن البديل المناسب ونطالب بإعادة النظر في تأهيل السوق».

جميل عبده أحمد القدسي مدير عام إدارة الأسواق والحدائق بعدن يقول:«يعتبر السوق المركزي في مدينة كريتر من أقدم الأسواق وفيه أكثر من 600 مفرش ومحل ، بناء السوق تم في الأربعينيات وتم تجديده في الخمسينيات ولديه 22 منفذا تطل على الشوارع الرئيسية من جميع الجهات. بني هذا السوق بهدف تموين المواطنين باحتياجاتهم الغذائية من خضروات وفواكه وأسماك ولحوم وقات ودواجن, حيث تعتبر هذه الوظيفة الأساسية للسوق».

وعن المشاكل التي يعانيها السوق يقول: «توجد الكثير من التشوهات والخروج عن وظيفة السوق حيث يوجد في السوق 22 مسكنا وثلاث لوكندات وكلها خارج عن أغراض وظيفة السوق الأساسية, ومن ضمن المشاكل التي تواجهنا وجود مساكن للمواطنين داخل السوق في الطابق العلوى منه, تتسرب منها مخلفات مياه المجاري من المطابخ والحمامات فوق المفارش والمواطنين وفوق جدران السوق, وهو ما يشكل ويسهم في سرعة هلاك السوق, وهناك بعض السقوف والجدران انهارت وإذا لم يتم أولاً ضبط عملية تسرب المياه من سقوف تلك المنازل سيكون هذا الوضع كارثة على هذا السوق».

ويضيف:«من ضمن المشاكل وجود أكبر لوكندة حيت تحتل مساحة 348 مترا مربعا وكانت هذه المساحة مدخلا لسيارات تفريغ الخضار والفواكه, وكذا مخرج لسيارات تفريغ القمامة والتوالف ومازالت غرفة التوالف موجودة وتستخدم كمكتب.

بالإضافة إلى البيع خارج السوق من خضار وفواكه أو أسماك, خاصة الأسماك حيث يقوم عدد من الباعة بافتراش الأرضية لبيع السمك, مما يسبب الزحمة كما يشكل تلوثا وكارثة بيئية وصحية, حيث يتسبب بمرض صفار الكبد». ويتابع قائلا:«هناك قرار من مجلس الوزراء رقم 283 لعام 2001 م تؤكد فيه المادة رقم 14 على ضرورة أن تحدد كل مديرية مساحة مخططة لا توجد فيها عوائق تعيق خط سير العربيات والمشاة, وأكدت على ضرورة الحصول على تصريح مزاولة مهنة ودفع رسوم بواقع 25 ريالا للمتر في اليوم الواحد, وتدفع كل ثلاثة أشهر مقدما, وهذا سيجعل العمل منظما خاليا من العشوائية في حالة تطبيق هذا القرار, ولن نجد أي عربيات ولا مفارش خارج إطار السوق ولن تكون هناك عوائق تعيق حركة السير, فهذه المشكلة القائمة لا تعاني منها مديرية صيرة فقط ولكن كافة المديريات, وتطبيق هذه المادة سيحد من العشوائية».

ومن اشتراطات السوق يقول: «الحصول على تصريح مزاولة مهنة وكذا تطبيق الشروط الصحية, فلا يجوز أن يمارس شخص البيع في السوق من دون أن يكون لديه تصريح وتنطبق عليه الشروط الصحية, وهذه مهمة أساسيةى.


سوق الخضار من الداخل
وعن الإجراءات المتخذة يقول القدسي:«عملنا على بعض الترميمات والتلبيس, ولكن في ظل تسرب المياه لا نستطيع أن نكمل عملنا، لهذا تم اتخاذ قرار بمنع تسرب مياه هذه المساكن إلى السوق في الاجتماع الذي عقد برئاسة الوكيل المساعد, فلا يمكن أن يقوم صندوق النظافة بعمل ترميمات مع وجود هذه التسريبات, حيث رصد صندوق النظافة مبلغ مليون ونصف المليون لعمل ترميمات للجزء الذي تساقطت منه السقوف والجدران .

ونطالب بتعاون الشرطة في مكافحة الخارجين عن النظام والبيع العشوائي فهناك أكثر من 100 ألف نسمة».

ويضيف:«جمع الباعة في مكان واحد سيعمل على ضبط الأسعار فتشتتهم الآن يعتبر ذكاء من الباعة, حيث تختلف أسعار الخضروات والفواكه من بائع إلى آخر».

ويقول:«مدينة كريتر تزخر بالكثير من المواقع التاريخية وهذا السوق إلى جانب قلعة صيرة والصهاريج يعتبر أحد الرموز التاريخية, حيث يعمل السياح على زيارته كونه يمثل تاريخا لمدينة عدن, لهذا يجب أن يروها بصورة نظيفة ومرتبة».

وعن وجود مفارش في السوق لا تستخدم أجاب:«رفض الباعة استئجار هذه المفارش كون المدخل الأساسي لها من خلال هذه اللوكندة».

وعن التجديدات المتوقعة في السوق يقول: «رصد صندوق النظافة مبلغ مليون ونصف المليون لعمل ترميمات وتلبيس لسوق السمك, خاصة في المواقع التي انهارت ولكن الصعوبة كما قلت سابقا وجود تسريبات المياه.

بالإضافة إلى أننا بصدد تطبيق نظام الإيجارات الجديدة على المحلات والمفارش فلا يمكن أن نقوم بعملية الصرف والإنفاق على هذا السوق إلا من موارده, فإذا لم توجد موارد كافية من هذا السوق كيف لنا أن نقوم بعملية التمويل؟!».

وعن الصعوبات التي تعيق عمل السوق قال:«عدم وجود وظائف ومخصصات مالية لتغطية حراسة السوق, فنحن نتمنى أن نجد ضابطا أمنيا في كل سوق لضبط المخالفين والهاربين من سوق إلى سوق.

ومن الصعوبات أيضا وقوف السيارات أمام الأسواق, لذا نتمنى أن تتعاون معنا إدارة المرور وتمنع ظاهرة البيع خارج الأسواق ومنع السيارات من الوقوف الدائم, فما يحيط بالسوق من مواقف خصصت لمرتادي السوق الذين يقفون دقائق معدودة لقضاء حاجتهم».

وردا على سؤالي عن الجهات المعنية بإدارة السوق، أجاب:

«ليس وحدنا من يتحمل إدارة السوق, معنا السلطة المحلية وخاصة البلديات والمياه والكهرباء والمجاري والهيئة الإدارية للمجلس المحلي للمحافظة, فكل هذه الجهات مسؤولة عن تنظيم السوق وضبط نشاطه, ونتمنى أن يكون هناك تنسيق بين كل هذه الجهات للنهوض بواقع السوق».

وواصل قائلا:«نحن الآن في صندوق النظافة بصدد القيام بأعمال الصيانة والترميمات البسيطة داخل السوق, ولكن هناك مشكلة تواجهنا عند إجراء بعض الترميمات والتلبيس للأجزاء التي سقطت من السقوف والجدران, منها تسرب المياه من المساكن».


الجهة الخلفية من السوق والتشققات بادية عليها
مؤكدا أن هناك قرارا صدر عقب اجتماع عقد برئاسة الأخ أحمد الضلاعي الوكيل المساعد للمحافظة بمنع تسرب المياه «حتى نبدأ بعملية الصيانة وقد وضع صندوق النظافة مليونا ونص المليون لعملية الصيانة والترميم للمبنى كمرحلة أولية».

مؤكدا بالقول:«لا توجد نية لهدم السوق كونه صرحا تاريخيا عريقا، وحسب قوله «يكفي ما حصل لسوق الأسماك في مديرية المعلا الذي تحول من صرح تاريخي إلى مجرد هنجر, فالعالم يعمل على المحافظة على مواقع صغيرة, لأنها تاريخية فكيف لنا أن نهد هذا الصرح التاريخي الذي يحكي عراقة مدينة عدن؟!. ومن الواضح ضرورة مراعاة التصميمات الخاصة بكل المواقع التاريخية عند إجراء أي ترميم».

انتهت جولتنا بهذا السوق العريق الذي كانت الصرخات فيه تصطدم بجدرانه المشروخة لتعود مرة أخرى لترتطم بأرضيته الفاقدة النظافة, لتندد بما آل إليه من وضع لا يسر أحدا. ونتمنى على قيادة محافظة عدن أن تهتم بهذا الصرح التاريخي, وكذا المواقع الأخرى, خاصة ونحن على أعتاب استقبال خليجي عشرين الذي سيحل فيه على عدن الكثير من الضيوف الذين سيجرهم حب معرفة تاريخ هذه المدينة إلى زيارة مواقعها التاريخية, وسوق البلدية أحد هذه المواقع.

«الأيام» فردوس العلمي2009-02-07
آخر تحديث السبت, 07 فبراير 2009 01:43