العشر والجذور - بقلم - د- محمد فتحي راشد الحريري طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأحد, 18 سبتمبر 2016 05:28

 من العائلات الجذورية في لغتنا العربية العتيدة عائلة ((ف ج ر)) ؛هذه العائلة اللغوية الثلاثية الأحرف، والمكونة من الفاء والراء والجيم، يتشكل منها ستة جذور لغوية بينها جدل ومصاهرة ومشاكله وتناغم، أبرزها العلاقة الجدلية الطيبة بين الفجر والفرج،  فالفجر نور بعد الظلام ؛
 والفرج راحة بعد عناء وتعب وبذل جهد .
 الفجر انبلاج من قلب العتمة والفرج خلاص من مرحلة المعاناة وقسوتها.
 اللهم فرج عن أهل سورية وسائر المسلمين وأذن يا رب بفرج عام تحيي به نفوسنا وتعز أمتنا وتعيد لنا به أمجادنا..
 ولأهمية الفجر اقسم الله تعالى به في سورة تحمل اسم الفجر : (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر) .والليالي العشر يقصد بها عشر ذي الحجة( والعمل الصالح فيهن خير من الدنيا وما فيها.
 وفي الجذور التفسيرية تطالعنا ثلاث عشرات :


 -عشر ذي الحجة
 - عشر الأخيرة من رمضان
 -عشر الأول من شهر محرم الحرام .
 وفي فضل كل عشرة وردت أثار وأحاديث شريفة .
 ويقول فقهاؤنا الكرام إن عشر ذي الحجة أفضل من عشر رمضان؛ ذلك ان الشياطين تصفد في رمضان، وهنا لا تكون مصفدة مما يجعل الصبر فيها على الطاعة أشق وأصعب ويحتاج الى بذل جهد اكد وأكبر .
 وردت في فضل عشر ذي الحجة أحاديث شريفة معروفة ونقل لنا المؤرخون صورا من عبادة السلف فيها :
 *كان سعيد بن جُبير إذا دخلَت أيَّام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يَكاد يَقدر عليه؛ سنن الدارمي (2/ 41).
 • عن سعيد بن جبير  قال:
 "لا تُطفئوا سُرجكم ليالي العشر".
 
• قال  سعيد بن جبير
 "يقِّظوا خدمَكم يتسحَّرون لصوم يوم عرَفة"؛ سير أعلام النبلاء (4/ 326).
 
• وعن الحسَن البصري أنَّه قال
 "صيام يَومٍ من العشر يعدِل شهرين"؛ الدر المنثور (ج 8/ 501).
 
• و قال عمر بن الخطاب: "لا بأس بِقضاء رمضان في العشر".
 • وكان الحسَن البصري يَكره أن يتطوَّع بصيامٍ وعليه قضاء من رمضان إلاَّ العشر.
 • وعن أبي معن قال: رأيتُ جابر بن زيد وأبا العالية اعتمرا في العشر.
 
• وكان الحافظ ابن عساكر يَعتكف في شهر رمضان، وعشر ذي الحجَّة.
 
ومن الأحاديث في هذه العشر:
 الحديث الذي رواه الطبراني قال صلى الله عليه وسلم: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً"، وعشر ذي الحجة من مواسم الخير التي ينبغي على المسلم أن يتعرض فيها لنفحات رحمة الله عز وجل وذلك بالإكثار من العمل الصالح في هذه الأيام من صيام وقيام وقراءة القرآن، وتسبيح وتهليل واستغفار .
 
وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " أخرجه البخاري 2/457 .
 وعنه أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى " قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه الدارمي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398 .
 فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وبهذا يجتمع شمل الأدلة . أنظر تفسير ابن كثير 5/412
 هذا والله أعلم.