التكتل الجنوبى الديقراطى بين العبث والمسؤولية طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الخميس, 17 مايو 2012 09:51

 ان بيان الذى اصدره التكتل الوطنى الجنوبى هو بيان ايجابى ولا اعتراض على جوهره اطلاقا ، ولكن تبقى نقطتان محل تساؤل ونقاش وهما : الاولى هى الجمع بين دعوة الاستقلال ودعوة الفدرالية المشروطة  . الثانية هى قبول الحوار متعدد الاطراف من حيث المبدأ . ( مفترضين ذلك لان موقفهم غامض من اطراف الحوار ، وماذا يقصدون بتحديد الاطراف فعلا ) .

المبدأين والحوار المتعدد :

     ان القول ان التكتل يحمل هدفين هما الاستقلال الناجز والفدرالية المشروطة باستفتاء ، لايعنى الا انه يحمل الفدرالية المشروطة ، وان الذهاب للحوار " اليمنى " لن يكون اطلاقا لطرح الاستقلال الناجز . وسيغلب الطرح الفدرالى على هدف الاستقلال . وطالما لديك سقفين سيصر الطرف الاخر على السقف الاوطأ ، ثم سيصر على سقف او طأ منه وهو الفدرالية متعددة الاقاليم . ولايعنى اعلان هدفين الا مجرد حذلقة وفذلكة سياسية . وبالتالى لا يعد البيان وجمع الهدفين بهذه الطريقة الا لتمرير الطرح الفدرالى . من حقهم ان يتمسكوا بخيار الفدرالية المشروطة او غير المشروطة . من حقنا ان نناقش ونحذر ونبين ونحملهم كامل المسؤولية .

   قبول الجنوبيين بهذا الطرح يعنى حشر انفسهم فى تكتل ، الهدف الاول منه هو الذهاب للحوار  كاحد الاطراف ، مثل اللقاء المشترك الذى سيدخل كطرف ان لم تنفصم عراه قبل الحوار ، ومثل المؤتمر الشعبى وحلفاؤه ، ومثل الحوثيين ، ومثل الشباب . ماذا سيحصد الجنوبيين من هذا الحوار وهم صوت مثل غيرهم ، والمسالة هى حوار وطنى شامل لا حوار ثنائى بين طرفين متنازعين على اقل تقدير . والقول اننا سنطرح قضيتنا ليعرفها العالم ، او وضعها تحت المجهر ، يعد مغالطة من المغالطات ، فلماذا العالم لايغطى شيئا عن القضية الجنوبية ولايذكر حتى اللاجئيين والمشردين الجنوبيين اطلاقا ولا يشير اليهم ، وكما عتم العالم عن سبق اصرار وترصد على اى صوت جنوبى حتى على معاناة الجنوبيين سوف يعتم على الصوت الجنوبى ولن يذكره وسيذهب فى زحمة الحوار الوطنى . واذا دخل الجنوبيون جميعا كما يطرح التكتل فى هذا الحوار سوف يضيع صوتهم وتضيع قضيتهم على طاولة الحوار . هل موقف العالم الذى يعتم على قضيتنا عن جهل او عن موقف مسبق ؟ وماهو السبب فى هذا الموقف المسبق ؟ هل يعلبون مصراعة ثيران للتسلية ؟ ربما ، ومن يعتقد ذلك فليذهب ليفهم الثيران ويفتح اعينها .

   ان المشكلة الاساسية هى بين " ج ى د ش " وبين " ج ع ى " اى بين طرفين ، والحوار المزمع عقده يسقط هذه الامر ويميع القضية ويجعلها كقضية كل " اليمنيين " وقضية وطنية يمنية كما يقولون . وهنا تكمن خطورة الحوار بهذه الطريقة ، فانت مجرد طرف من عدة اطراف ، فحتى الانسحاب لو حدث لن يكون له تلك النتيجة السياسية ولو اعلاميا ، وسيتم الالتفاف على الانسحاب ببقاء اطراف جنوبية تدعى تمثيل الجنوب او جزء منه والتقليل منه مصحوبا بالتعتيم الاعلامى .

   والقول بالفدرالية بين طرفين " الجنوب " و " الشمال " ثم الذهاب الى حوار وطنى بهذه الصيغة يحمل تناقضا ذاتيا . تفاوض من على الفدرالية ؟   ليس هناك اى معنى ان تذهب لحوار بين عدة اطراف وانت مطلبك يتاسس على قضية بين طرفين ، ان مجرد الذهاب لهذا الحوار يلغى القطبية الثنائية تلقائيا وبالتالى يسقط الطرح الثنائى تلقائيا . هذا من جهة ومن جهة اخرى ان قضية الجنوب هى مع سلطة الاحتلال مباشرة التى تحكم الجنوب عسكريا ، وليست مع الحوثيين ولا شباب التغيير ولا المشترك بوصفه تكتل احزاب ، وان سلطة الاحتلال تمثل هؤلاء جميعا بوصفها سلطتهم التى احتلت بهم او ببعضهم الجنوب ، وان مشكلة الحوثيين وشباب التغيير وغيرهم فى ( ج ع ى ) هى مشكلة مع السطلة ، وعليها معالجة مشاكلها هذه جميعها . وعدم اخذ هذه النقطة بعين الاعتبار يعنى ان مشكلة الجنوبيين هى مثل مشكلة القوى والمناطق فى ( ج ع ى ) مع السلطة ، وتصبح القضية الجنوبية قضية سلطة واختلاف عليها ، وتتحول هذه السلطة الى سلطة شرعية لانك تفاوض عليها ( وهذا هو المراد وهو اعتراف عملى ) ، فيما هذه السلطة لا تمثلك اساسا وهى سلطة طارئة بقوة الحرب . اختلاف الحوثى اختلاف مع سلطته ، واختلاف شباب التغيير اختلاف مع سلطتهم ، واختلاف اللقاء المشترك كان مع وجهه الاخر ، واصبح اليوم هو السلطة التى ستحل مشكلة السلطة كما يطرح ، ومنها المشكلة الجنوبية الى جانب غيرها . وسواء قلت قضية الجنوب قضية اساسية او جوهرية او مركزية لن تخرج من هذه الحلقة ، او الربق ، طالما قبلت بمبدأ انك طرف من عدة اطراف ، وتصبح القضية هى مشكلة السلطة الشرعية فى الجنوب وليست قضية جنوبية وان اسميتها بقضية ، اما كيف تحل ، مع غيرها من المشاكل ، سواء بفدرالية ثنائية ام متعددة الاقاليم تعد مسألة حوار بين الاطراف المختلفة . فهل ادرك اصحاب طرح الفدرالية الثنائية هذه الحقيقة ، بغض النظر عن استفتاء من عدمه . ان الدخول الى حوار يناقض ذات الفكرة الثنائة هو عبث سياسى لا طائل من ورائه الا التشويش على القضية الجنوبية .

ذهاب التكتل للحوار :

    علق التكتل موقفه من الحوار على الاجابة على النقاط التالية : 1- كيفية الاعداد له 2- اسس هذه الحوار والتفاوض 3- اطرافه 4- سقف زمنى 5- مآلاته 6- مدى الالتزام والالزام 7- ضمانة التنفيذ لمخرجاته 8- جهات الفصل فيما لا يصل فيه المتحاورون والمتفاضون الى اتفاق ، وفى هذه الحالة فان جهة الفصل القبولة مقدما هو المرجعية الاصلية : شعب الجنوب .

    هذه النقاط المعلقة الاجابة ، هل لو تمت الاجابات بما يرضى التكتل ، الذى لا يدرى احد ما الذى سيرضيه ، فباى صفة سيذهب الى الحوار ؟ ممثلا للشعب الجنوبى بادعاء تمثيل  الغالبية او تمثيل الرؤية التى تؤمن بها الغالبية ، اى طرف شرعى . ام سيذهب ممثلا لنفسه فقط مثله مثل اى حزب اخر ولكن له رؤيته الخاصة  ؟ اذا كان الاحتمال الاخير فلا مجال لمناقشته ، وستكون المناقشة للاحتمال الاول . بناء على الاحتمال الاول ، هناك احتمال كبير باعتراف سلطة صنعاء بالتكتل كممثل للجنوبيين ، من اجل احداث فتنة من جهة ، ومن اجل طى القضية وتمييعها .

   ان الشعب الجنوبى ليس فى استطاعته افشال الفدرالية ، وكما فرضت الوحدة الاندماجية على الجنوب يمكن فرض الفدرالية . لان الذى يحكم عسكريا وينهب ويسلب يستطيع ان يكف عن هذه الافعال ولن يستطيع الشعب الجنوبى منع كفه عن غيه وليس له ان يمنعه لانه غير منطقى ، ويستطيع الحاكم العسكرى اليوم ان يسلم دعاة الفدرالية الحكم فى الجنوب . وهم بالتالى مسؤولون عن اقناع نظام صنعاء بالفدرالية ومسوؤلون عن ادارة الجنوب الفدرالى لان القوة ستنتقل اليهم ، حسب المشروع الفدرالى . وكل ما سيفعله الشعب الجنوبى ، او الاقلية - كما يقولون - هى استمرار المطالبة السلمية بالاستقلال ، وماعليهم الا تغيير رأى الشعب للقبول بوضع الفدرالية اذا كانت حقيقية . ومعنى هذا ان فشل خيار الفدرالية سواء على طاولة الحوار او الالتفاف عليه فى الواقع ان يتحمله من يدعون اليه ، لان المطالبين بالاستقلال والتحرير ليس فى ايديهم شئ لمنعه اطلاقا ومن يملك القوة ومن يتعامل مع هذه القوة هو الذى يتحمل المسؤولية . وان الفشل هو بسبب رهانهم الخاسر على نظام صنعاء الذى لايؤمن بوحدة من الاساس ، او بسبب وتوطؤهم مع الاحتلال .

    على الساعين الى الفدرالية ان يتحملوا النتيجة كاملة ، مع احتفاظ المعارضين - الاقلية كما يقولون هم - بحقهم فى الاعتراض والتوعية ، والتاكيد ان هذا رهان خاسر ، وان يحملونهم مسؤولية عملهم كاملة ، وان يطلبوا منهم فقط ان يعلنوا تحملهم للمسؤولية وكل ما يترتب على موقفهم هذا . هل سيعلنون تحملهم المسؤولية ؟ اذهبوا وادّعوا ومثلوا الجنوب والشعب الجنوبى وتحلموا المسؤولية كاملة امام الشعب والتاريخ . والسعى فى هذا الخيار دون تحمل المسؤولية لايعدو الا ان يكون عبثا بقضية الشعب ومستقبله وتصرف لا مسؤول او تواطؤ مع الاحتلال .

ملاحظة : عندما نتحدث عن فدرالية نتحدث عن فدرالية حقيقية ، فهل يستطيع دعاة الفدرالية تحقيق فدرالية حقيقية فعلا ؟ واذا كانت فكرتهم عن الفدرالية هى نفس فكرة  " رأى " ، فماذا عن تصورهم لبناء الجيش وعدده ونسبة الجنوبيين فيه ، واعادة انتشاره ؟ فى ظل السيطرة العسكرية لا معنى لاى فدرالية ، ولاتعنى الا التفاف لابقاء الاحتلال بصورة جديدة .

احمد سالم ابوسلطان

15\5\2012 م