المعري والقاضي .. والحجة فطوم- بقلم:محمد أحمد البيضاني طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 24 نوفمبر 2010 12:38
قلت للحجة فطوم لم يحدث قط أن تطور بلد عربي بمثل هذه السرعة نحو الحضارة والتقدم الإقتصادي والعمراني مثل ما حدث في الجميلة بلادنا عدن الجنوبية العربية ، قفزة حضارية منقطعة النظير في عقود ، هذا التقدم الإنساني قاده أبناء عدن و أخواننا وأهلنا أبناء ريف بلادنا العظيمة أرض القبائل الشجاعة من أستوطن عدن ، وأيضآ كثير من الأجانب من أحب عدن وأستوطن فيها بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق - مجتمع إنساني فريد من نوعه – Cosmopolitan Society في وحدة – الوحدة الصادقة .. وحدة الوطن الجنوب العربي. كانت حواري عدن تسمى بأسماء شعبية قديمة. في بداية الخمسينيات أرادت البلدية أن تنظم الموضوع وشكلت لجنة من مثقفي أبناء عدن لإعطاء الشوارع في عدن أسماء تاريخية من تاريخ العرب منهم شعراء وفنانين وقادة ، وعمل لوحة في بداية كل حارة تحمل الأسم الجديد للحارة . قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست بوري وبا أجيب لك عُواف هريسة اللوز من شارع الزعفران وقهوة. يا محمد يا سلام على عدن عاصمتنا الحبيبة يا سلام.
يا حجة فطوم .. كانت الحواري تسمى على الطريقة الغربية مثل حارتنا تحمل رقم Section C, Street No. 2 وهكذا كل شارع يرقم. دفعت النهضة الثقافية العربية في عدن البلدية لتغير أسماء الشوارع ، وفي احد الأيام في حارتي العريقة وأسمها الشعبي القديم - حارة القاضي التي تُنسب إلى القاضي الشرعي في عدن الشيخ البطاح وهو من سكان الحارة . وقفت سيارة بلدية عدن في ركن الحارة قاموا في تثبيت "بورت" أي لوحة على الجدار تحمل أسم الحارة الجديد – شارع المعري ، صادف في نفس الوقت وقوف العم معتوق عبداللآه الرجل الظريف وهو يتأمل عمال البلدية في دهشة شديدة وقال لي يا محمد ايش من بورت هذا ، قلت له اسم الحارة الجديد شارع المعري ، قال لي : من عيال فين هذا المعري ، أنا ما سمعت في الحارة حقنا بيت عيال المعري ، قلت له هذا شاعر عربي كبير أعمى وعبقري ، ضحك بشدة وقال أعمى ، ايش علينا من المعري الأعمى ، المعري مُش عدني ، إذا بلدية عدن تحب العميان كانوا با يسموا الحارة على اسم الفنان العدني سعيد الأعمى - صاحب الأغنية المشهورة كيتي كولا في عدن.
يا حجة فطوم عام 2000 غادرت سنغافورا نحو أرض الشام وصلت دمشق جنة الله على الأرض في زيارة قصيرة وبعدها التوجه إلى بيروت ، لاحظت في دمشق على ذكر موضوعنا اليوم حول أسماء الشوارع ، رأيت لمحة حضارية وثقافية منقطعة النظير في أسماء الشوارع لم أرى مثلها من قبل ولا في أي مكان في العالم ، كل الشوارع تحمل أسماء عباقرة العرب والإسلام ، وتحت كل لوحة تحمل اسم الشارع يوجد أيضآ لوحة أخرى تعريف قصير بإسم هذا العظيم الذي سُمي الشارع باسمه ، مثلآ  شارع خالد ابن الوليد : صحابي وقائد عربي مسلم ، قاد الفتوح الإسلامية ، ولد عام كدا وتوفي عام كدا .  قمة في الحضارة والرقي الإنساني العظيم .. عظمة الأمويين.. الإمبراطورية الأموية العظيمة في أرض الشام . إن تغير الأسماء أمر ليس بالسهولة، الناس مرتبطة بالماضي والتراث لأنه جزء من حياة الإنسان. اليوم عصابة التمساح في صنعاء تريد أن تمحو هوية وأسم شعب كتب أسمه على الحصون والسدود منذ 10000 سنه قبل الميلاد. ضحكت الحجة فطوم وقالت نقول لهم يا دجاجة عمتي خربشي لكِ خربشي.
أخيرآ تقول الحجة فطوم : بلادنا أمة تاريخية وحضارية وعريقة ، ولا يمكن طمس هوية شعب بغلطة قلم .. أو تغير علم . الوحدة اليمنية خيال مريض .. إنه السعي وراء الريح .
محمد أحمد البيضاني               كاتب عدني ومؤرخ سياسي       كوبنهاجن