سلطة صنعاء وعسكرة الحراك الجنوبي - بقلم:عادل الجوجري رئيس تحرير صحيفة الأنوار- القاهرة طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الجمعة, 08 أكتوبر 2010 05:39

لايمر يوم إلا وتقع أحداث عنف في المدن الجنوبية التي هي درة المدن العربية،وتقع اشتباكات بين مسلحين وقوات الجيش والشرطة ولاشك أن السلطة تحاول أن تجر الحراك السلمي الجنوبي إلى معارك عسكرية

 حتى تبرهن للعالم أنها تخوض حربا للدفاع عن الوحدة ضد الميلشيات المسلحة وحتى تحصل على مزيد من الدعم الغربي والعربي بدعوى المشاركة في الحرب على الإرهاب.
ونحن هنا نحاول أن نلقي الضوء من منظور قومي على الأحداث في الجنوب ونشير أو نرصد التالي:
أولا:أن الحراك الجنوبي ظاهرة إنسانية نبيلة سواء في المنشأ أو المقصد،والغاية،فنتيجة الحرب الظالمة التي وقعت صيف 94 وماترتب عليها من مظالم بل جرام ارتكبها النظام عمدا ومع سبق الإصرار والترصد هب أبناء الجنوب دفاعا عن أنفسهم أولا ضد هجمة شرسة من قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري وفيلق العمالقة وقوات مدرعة أخرى راحت تفرض هيمنة على مدن الجنوب وتمارس النهب والاضطهاد والظلم تحت سمع ومرأى من العالم كله.
لم يطرح وقتها أي شخص ولاحتى في أوساط النخب الحاكمة إلا مبدأ إصلاح مسار الوحدة لكن السلطة التي لاتسمع ولا ترى ولا تفهم أصرت على عنادها بل وأصرت على استعباد أبناء الجنوب واضطهادهم والسيطرة على بيوتهم وطردهم من الوظائف المدنية والعسكرية التي كانوا يحتلونها قبل الحرب والأكثر من ذلك هو إقصاء الخبرات الجنوبية من معظم الوظائف العليا والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية وربما الثالثة.
ثانيا:كان طبيعيا أن تتحرك القيادات الشعبية الحزبية والعسكرية من أبناء الجنوب للتعبير عن رفض الذل والهوان على يد الطغمة الحاكمة التي يقودها مستبد غير عادل،وأرادت أن تفتح حوارا مع العقلاء في السلطة لتخفيف المظالم على أبناء الجنوب ورد حقوقهم وصيانة حياتهم وكرامتهم إلا أن السلطة واصلت سياسة الاستكبار والعناد واعتقلت كل من دعا إلى تصحيح مسار الوحدة واعتبرته انفصاليا والأكثر من ذلك أنها راحت تحرض الدول التي تواجد فيها قيادات جنوبية بعد حرب الصيف وقايضت بعض هذه الدول بما لديها من متطرفين دينيين يحظون برعاية السلطة بشخصيات جنوبية معارضة تمارس المعارضة السلمية ولم تمارس في يوم فعلا إرهابيا على الإطلاق.
لقد حاولت السلطة خنق أي صوت إعلامي يعارضها في الخارج فحرضت ضد صحيفة"الوثيقة" التي كانت تعبر عن جبهة المعارضة اليمنية"موج" وكذلك حرضت ضد صحيفة "بريد الجنوب" وشعارها إصلاح مسار الوحدة،وطاردت الكتاب والصحفيين خارج الوطن في نفس الوقت الذي كانت تهدد حياتهم داخل الوطن.
لقد اعتبرت السلطة شعار إصلاح مسار الوحدة عملا انفصاليا وطارت كل من يرفعه وصادرت أي صحيفة تردده ولم تترك أي باب للحوار الوطني إلا وأغلقته أو راوغت فيه وحوله بحيث تفرض إرادتها بشكل كلي وقهري على أبناء الجنوب بينما في الأساس هي عمل إرادي يتم طواعية وبدون قهر أو اضطهاد أو ضم وقسر وإلحاق.
ثالثا:في هذه الأجواء الخانقة ولد الحراك الجنوبي كتعبير سلمي وحضاري عن رغبة أبناء الجنوب في رفع المظالم عنهم واستعادة حقوقهم سواء في الملكية أو الوظائف والرواتب والتعويضات،فضلا عن المشاركة الواقعية والمنطقية في الثروة والقرار وليس سرا أن النظام الحاكم في صنعاء يشفط وينهب نفط الجنوب عيانا بيانا في إطار سياسة إفقار الجنوبي حتى يركع ولاينتفض لكنه وجد العكس تماما،وجد نخبة جنوبية منحازة إلى شعبها،منحازة إلى فقراء المدن والريف اللذين تم نهبهما عمدا من رجالات السلطة وشيوخ القبائل،ووجد انسجاما بين النخب المنتفضة والجماهير فحاول الوقيعة بينهما بادعاء أن الحراك تم عسكرته وتم تسليحه وانه يخوض معارك شوارع ضد قوات السلطة.
إن أي تحقيق قضائي نزيه سوف يكشف بوضوح أن السلطة هي التي تتعمد عسكرة الانتفاضة في الجنوب وهي التي تشعل النار في المحلات التجارية التي يمتلكها مواطنون من ابنا المحافظات الشمالية وهي التي تقنص الجنود وتزعم أن الحراك يؤسس كمائن لاغتيال رجال الأمن والجيش..ولأنها تعرف أنها تكذب ولا تتجمل فلم تقدم دليلا واحدا يبرهن على ذلك لأنها باختصار هي التي تشعل النار في الجنوب،ومن يلعب بالنار –حتما- سوف تحرقه.
رابعا:أن السلطة الغاشمة في صنعاء رفضت كل دعاوى الوساطات العربية لانجاز حوار وطني تحت رعاية الجامعة العربية أو الدول العربية الكبرى ومن بينها مصر وفي كل مرة كان الرئيس يعد بحوار وطنى كان يضع العراقيل لؤاد الحوار في المهد، وكان ولا يزال يناور لإطالة عمره في الحكم وهو واحد من أقدم الحكام على الكرة الأرضية وهو يستعد لتوريث الحكم لنجله احمد وصار يبعثه موفدا إلى الحكام العرب تمهيدا للحصول على شرعية عربية له، واستغلالا لمناخ عربي ردئ يتكاتف فيه المورثون العرب ضد مصالح شعوبهم وضد مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وإذا أغلقت بوابات الحوار بالضبة والمفتاح وجرى افتعال أزمات عسكرية مسلحة مع المواطنين وجر رموز الحراك إلى المعتقلات في السجون السرية والعلنية ومطاردة رموز المعارضة في الخارج فماذا يبقى للحراك؟
ماذا يمكن أن يطرح المحاصرون من الداخل والخارج؟
ماذا يفعل أبناء غزة المحاصرة من عدو صهيوني وأنظمة عربية ؟
أنهم يقاومون.
هذه سنة الحياة وقانون تأسيس الكون
كيف يفلت المظلوم وهو يرى أرضه تنهب وممتلكاته تسرق ووظيفته تسحب منه لأجل شخص آخر لايستحق؟
لقد أعطى من لايملك لمن لايستحق
ومن هنا نقول أن من حق أبناء الجنوب الاستمرار في الحراك والتخطيط لعصيان مدني يجبر السلطة على احترام إرادة الشعب،التي -حتما- سوف يستجيب لها القدر.